للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ، أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يُقادُوا» (١)، ومعنى المقاداة المفاعلة، وهي تكون من اثنين، إلَّا في أحرف يسيرةٍ يعرفها أهل اللغة، فدلَّ هذا الخبر أنَّ الدّية توجد باتّفاق ولي المقتول والقاتل.

وهذا القول أولى؛ لظاهر كتاب الله ﷿ من غيره.

وقوله: «إنَّ دية قتل العمد إذا عُفِيَ عنه، تكون في مال القاتل خاصَّةً دون العاقلة»؛ فلأنَّ القتل العمد لَمَّا كان شيئاً يلزم القاتل في نفسه - أعني: القَوَدَ منه دون غيره -، فكذلك بَدَلُهُ الَّذِي هو المال، عليه في نفسه دون عاقلته.

ولأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه ألزم العاقلة دية الخطأ دون العمد؛ لأنَّ المخطئ لم يتعمَّدِ القتل، فخُفِّفَ عنه بحمل غيره عنه الدّية، وليس كذلك العمد، بل هو مُغَلَّظٌ في نفسه وماله، ولا خلاف في هذا بين جملة أهل العلم.

•••

[٢٠٨١] مسألة: قال: ويجوز عفو الرّجل عن دمه في قتل العمد، إلَّا أن يكون قَتْل غِيلَةٍ (٢) فلا يجوز عفوه فيه (٣).


(١) متفق عليه: البخاري (٢٤٣٤)، مسلم [٤/ ١١٠]، بلفظ: «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُفْدَى، وأمّا أَنْ يُقْتَلَ»، وهو في التحفة [١١/ ٦٦].
(٢) قوله: «غِيلَةً»، هي أن يَخْدَعَ غيره ليدخله موضعاً ويأخذ ماله، وعن ابن القاسم: قتل الغيلة حرابة، وهو قتل الرجل خفيةً لأخذ ماله، وقال الفاكهاني: قال أهل اللغة: قتل الغيلة هو أن يخدعه فيذهب به إلى موضعٍ خفيةً، فإذا صار فيه قتله، ينظر: مواهب الجليل [٦/ ٢٣٣].
(٣) المختصر الكبير، ص (٣٧٩)، المختصر الصغير، ص (٥٨٢)، المنتقى للباجي [٧/ ٧٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>