للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإذا قُتِل القاتل أو فُقِئَ الفاقئ، فقد توصّل جميعهم إلى الغرض منه، فلا دية بعد ذلك؛ لأنَّ الأصل أن لا دية في العمد.

ولأنه ليس يخلو أن يكون القَوَدُ وجب لجميعهم، فقد وصلوا إليه بقتله أو فَقْءِ عينيه، أو هو للأوّل دون مَن بعده، فيجب إذا عفا الأوّل أن لا يكون لمن بعده القَوَدُ، وهذا لا يقوله أحدٌ، وإذا كان كذلك، ثبت أنَّ الَّذِي وجب لجميعهم القَوَدُ لا غيره من الدّية.

ومعنى قوله ﷿: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة:١٧٨]، معناه: من ترك له شيءٌ من المال، فاتّباع بمعروفٍ، والعافي عند مالكٍ هو القاتل، أن يَتْرُكَ ماله ويُتْرَكَ له القَوَدُ، لا أولياء المقتول؛ لأنَّ ولي المقتول إذا عفا فقد ترك ما له من القَوَدِ، فكيف يتبع بشيءٍ، إلَّا أن يُدَّعَى في الآية ضميرٌ أَنَّهُ يُترك القَوَدُ على مالٍ، وهذا ليس فيها.

فإن قيل (١): إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله [عليه قال: «مَنْ قُتِلَ] (٢) لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ، بَيْنَ أَنْ يَقْتُلُوا، أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ» (٣)؟

قيل له: معنى هذا الخبر، هو إباحة النَّبيِّ صلَّى الله عليه أخذ الدّية إذا بُذِلت، لا أنَّ القاتل يجبر على ذلك، ولولا هذا الخبر لَما جاز أخذ الدّية إذا بُذِلت، ولكان العفو أو القَوَدُ دون غيره.


(١) ينظر الاعتراض في: الحاوي للماوردي [١٥/ ٢٤٦].
(٢) ما بين [] مطموس في جه، والمثبت من التخريج، وقد تقدَّم.
(٣) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ٢٠٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>