ووجه قوله:«إنَّه يُقبل رجوعه بغير عذر»؛ فلأنَّ حدّ الزِّنا لَمَّا كان حقّاً لله ﷿، ولم يكن على مرتكبه الإقرار به واجباً ولا أن يَحُدَّ نفسه، فكذلك يُقبل رجوعه إذا رجع؛ لأنَّ له أن لا يقيم حدَّ الزِّنا على نفسه، فكذلك له أن يرجع عنه بعد إقراره.
وكذلك حدّ السَّرَق، يقبل رجوعه؛ لأنَّهُ حَدٌّ لله ﷿، وله أن لا يعترف به.
فأمَّا غُرم ما قد سرقه إذا كان لرجلٍ بعينه، فعليه ذلك؛ لأنَّهُ حقُّ آدميٍّ، فلا يجوز له أن يرجع فيما أقرَّ به له؛ لأنَّ ذلك إقرارٌ بمالٍ لا يجوز له الرّجوع فيه إذا أقرَّ به.
وكذلك إذا أقرَّ بشرب الخمر، ثمَّ نزع عنه، قُبِل رجوعه، كما يقبل ذلك في حدّ الزِّنا؛ لأنَّهُ حقٌّ لله ﷿ لا لآدميٍّ.
وهذا على ما ذكرناه من اختلاف قول مالكٍ في الزِّنا إذا رجع عنه، فكذلك السَّرَقُ وشرب الخمر مثله، أَنَّهُ على اختلاف قوله، كالزِّنا سواءٌ.
•••
[٢٤٠٢] مسألة: قال مالكٌ: ومن عَمِلَ عَمَلَ قوم لوطٍ، رُجِم الفاعل والمفعول به، أحصنا أو لم يحصنا (١).
• قال أبو بكرٍ: إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوطٍ، فهو أعظم جرماً وأشدُّ تمرُّدَاً من الزَّاني؛ لأنَّهُ قد وطئ في موضعٍ لا يجوز أن يستبيحه