للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّهُ إذا اعترف مرَّةً وثَبَتَ عليه، أقيم عليه حدّ الزِّنا والسَّرَق؛ لأنَّهُ قد ألزم نفسه باعترافه شيئاً، فلا سبيل إلى رفعه.

وأَمْرُ ماعزٍ وَرَدُّ النَّبيِّ له (١)، فإنَّمَا أنكر النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ عقله، فتثبَّت في أمره.

ألاترى: أَنَّهُ وجَّهَ إلى أهله فقال: «هَلْ بِهِ جِنَّةٌ؟»، لا أنَّه أراد أن يعترف أربع مرارٍ.

ولو كان اعترافه أربع مرارٍ بمنزلة الشَّهادة، لكان إذا رجع بعد اعترافه أربع مرارٍ لم يقبل رجوعه، كما لا يُقبل إنكاره للزِّنا بعد قيام الشّهادة عليه (٢).

فأمَّا إذا رجع بعد إقراره فَإِنَّهُ لا يُقبل رجوعه؛ لأنَّ إقراره قد ألزمه الحكم الَّذِي أقرَّ به، كما يلزمه الإقرار بالمال إذا أقرَّ به.

فإن ذكر عُذراً يُعْتَذر بمثله، قُبِل منه، مثل أن يقول: «وطئت في حال الحيض، فظننت أَنَّهُ زنا»، أو جاريةٌ بينه وبين غيره، وما أشبه ذلك، فإذا أتى بعذرٍ، قُبِلَ منه؛ لأنَّهُ لا ضرورة بنا إلى إقامة حدّ الزِّنا.

ولأنَّ الإنسان قد أُمِرَ بالسِّتر على نفسه، كما قال النَّبيُّ صلَّى الله عـ[ـليه لهـ]ـزال (٣): «أَلَّا سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ» (٤).


(١) متفق عليه: البخاري (٦٨٢٤)، مسلم [٥/ ١١٧]، وهو في التحفة [٥/ ١٨٠].
(٢) نقل التلمساني في شرح التفريع [١٠/ ١٧٠]، هذا الشرح عن الأبهري.
(٣) ما بين []، مطموس، والسياق يقتضيه.
(٤) تقدَّم ذكره في المسألة رقم ٢٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>