للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك من شرب خمراً، يجب عليه الحدُّ في أوَّل كأسٍ شَرِبَهُ، ثمَّ يشرب أَكْواساً فلا يكون عليه إلَّا حدُّ واحدٌ، وإن شرب بعدما حُدّ، حُدَّ أيضاً (١).

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ حدَّ القذف إِنَّمَا هو لدفع المَعَرَّةِ عن المقذوف فيما عَرَّهُ به القاذف، وتكذيباً له فيما رماه به، فإذا حُدَّ، فقد ارتفعت المَعَرَّةُ بقوله، فليس يحتاج إلى تكرير الحدِّ فيه، وسواءٌ قذف جماعةً أو واحداً بعد واحدٍ (٢).

ولَمَّا كان حدُّ الزِّنا لا يُكرَّر لتكرير الزِّنا، وكذلك حدُّ السَّرَق وشرب الخمر، إذا كان ذلك قبل يقام عليه الحدّ، وإنّما يجب في ذلك كلّه حدُّ واحدٌ، وكذلك حدُّ القذف مثله؛ لأنَّ حدَّ القذف هو حقٌّ لله ﷿، وإن كان قد تعلَّق به حقُّ آدميٍّ.

ألا ترى: أَنَّهُ يُفَسّق إذا حُدَّ، - أعني: القاذف -، وتُرَدُّ شهادته، فكان مثلَ حدِّ الزِّنا والسَّرق.

وقد رُوِّينا: «أنَّ النَّبيَّ حَدَّ قَذَفَةَ عَائِشَةَ حَدّاً وَاحِدَاً» (٣)، ولم يحدّ كلَّ واحدٍ منهم حدَّين، وقد قُذِفَ نفسين.

•••

[٢٤٧٤] مسألة: قال مالكٌ: ومن قذف قوماً، فقام به بعضهم فحُدَّ، ثمَّ أراد


(١) المختصر الكبير، ص (٤٣٤)، التفريع مع شرح التلمساني [١٠/ ٢٠٧].
(٢) نقل التلمساني في شرح التفريع [١٠/ ٢٠٩]، هذا الشرح عن الأبهري.
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار [٧/ ٤٠٩]، من حديث عائشة قالت: «لما نزل على رسول الله القرآن، خرج فجلس على المنبر، فتلا على الناس ما أنزل الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾، إلى قوله: ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، قال: ثم نزل رسول الله ، فأمر برجلين وامرأة، فضربوا حدهم، ثمانين ثمانين».

<<  <  ج: ص:  >  >>