• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ الإخوة والأخوات للأب يأخذون بالتَّعصيب، كما يأخذ الإخوة والأخوات للأب والأمِّ، فوجب أن يَرِثوا مع الجدِّ، كما يرث الإخوة والأخوات للأب والأمِّ.
فأمَّا مُعَادَّة الإخوة والأخوات للأمِّ والأب الجدَّ بالإخوة والأخوات للأبِ ليمنعوه كثرة الميراث، فالحُجَّة لذلك: أنَّ الإخوة للأب والأمِّ يحتَجُّون على الجدِّ فيقولون له: «إذا كان الإخوة والأخوات للأب لو انفردوا معك أيها الجدّ في الميراث، لوَرِثوا ولم تمنعهم من الميراث، فكذلك إذا كنَّا نحن معهم، فليس يمنع ذلك من أن يرثوا معك، ثمَّ نرجع نحن معهم إلى الأصل فنقول لهم: أنتم لا ترثون معنا شيئاً، فنأخذ من أيديهم ما كانوا أخذوه مع الجدِّ.
فإن كانت أختاً واحدةً للأب والأمِّ، رجعت عليهم حَتَّى تستكمل نصف المال، وما تبقَّى فللإخوة والأخوات للأب، وإن لم يبق شيءٌ فلا شيء لهم؛ لأن هؤلاء يستحقُّون بالتَّعصيب إذا كانوا إخوةً وأخواتٍ لأبٍ، والأخت للأب والأمِّ فإنَّما تستحقُّ بالفرض، فكانت أولى؛ ولأنَّها أقرب أيضاً.
فأمَّا إذا كانت أختاً واحدةً للأب والأمِّ، وإخواتٍ للأب، فإنَّ الأخت ترجع عليهم إلى تمام النِّصف، وما بقي فلهم؛ لأنَّهُ لَمَّا لم يجز أن يُفْرَضَ لهنَّ مع الجدِّ، وكانت القسمة حكمهم، لم يكن بُدٌّ أن يكون على ما وصفناها، ثمَّ يُرْجَعُ إلى الأصل في ميراث الإخوة والأخوات من الأب والأمِّ والإخوة والأخوات من الأب، فيكون الحكم بينهم على ما أوجبه الله جلَّ وعزَّ، ثمَّ على ما فسَّرناه، والله أعلم.