للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلهذا قال مالك: «إنَّ فدية الأذى تجوز في الحرم وغيره، أيُّ موضعٍ جعَلَها الإنسان جاز».

فإن قيل (١): قد قال الله ﷿ ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة:٩٥]، فوجب أن لا يُهدَى ولا يُذبح بغير الحرم (٢).

قيل له: إذا كان هدياً بالغ الكعبة، فهو كذلك لا يذبح في غير الحرم، فأمَّا إذا كان نسكاً وليس بهدي، فإنه يذبح في الحرم وغيره، كما يجوز أن يضحي الإنسان ويعق وينحر لنذر المساكين في غير الحرم.

ومما يدل على جواز الذبح في فدية الأذى وإطعام الطعام في غير الحرم، أنَّ صومها يجوز في غير الحرم، فكذلك الذبح والإطعام.

فإن قيل: إنَّما جاز الصّوم في غير الحرم؛ لأنَّهُ لا منفعة فيه لأهل الحرم، وليس كذلك الذبح والإطعام؛ لأنَّ فيهما منفعةٌ لأهل الحرم (٣).

قيل له: لو لم يجز الهدي والإطعام في فدية الأذى إلَّا في الحرم، لوجب أن يكون الصّوم مثله وإن لم تكن فيه منفعةٌ لأهل الحرم.

ألا ترى: أنَّ دم القران والمتعة هو في الحرم، فكذلك شيءٌ من صومها الذي هو بدلها في الحجّ وإن لم تكن فيه منفعةٌ لأهل الحرم، فلما كان صوم


(١) من هذا الموضع إلى نهاية شرح المسألة، نقله التلمساني في شرح التفريع [٥/ ٣١]، عن الأبهري.
(٢) ينظر: الاعتراض في أحكام القرآن للجصاص [١/ ٣٨٧]، المبسوط [٤/ ٧٤]، الحاوي [٥/ ٣٠٩].
(٣) ينظر الاعتراض في: أحكام القرآن للشافعي، جمع البيهقي [١/ ١٢٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>