للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان يجزيه، ومن قول مخالفنا في هذه المسألة، أنَّهُ لا يجزيه (١)، فقد بطل اعتلاله في إيصال المنفعة إليهم.

ومما يدلُّ على أنَّهُ لا يجوز إخراج غير ما قد ذُكِرَ في الزكوات والصدقات بقيمته دون أن يكون ذلك الشيء بعينه أو ما يقوم مقامه: أنَّ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ أوجب في زكاة الفطر صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، أو صاعاً من زبيبٍ، أو صاعاً من أقطٍ (٢)، وفي بعض الأخبار: «أَوْ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ» (٣)، ومعلومٌ أنَّ قيم هذه الأشياء لا تتَّفق في وقتٍ واحدٍ في بلدٍ واحدٍ، وإذا كان كذلك معلوماً في العقل، عُلِمَ بهذا أنَّ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ لم يُرد إخراج غير الأعيان المذكورة أو ما يقوم مقامها في الكيل والمقدار، لا القيمة، والله أعلم.

وقوله: «لا بأس أن يخرج الذَّهَب عن الفضَّة والفضّة عن الذَّهَب»؛ فلأنَّ غرض النَّاس في الذَّهَب كهو في الفضَّة؛ لأنهما إنَّما يريدونهما للتّصرف بهما


(١) ينظر البحر الرائق [١/ ٢٥١]، وفيه: «الزَّكاة لا تتأدَّى إلَّا بتمليك عينٍ متقوَّمةٍ، حتى لو أسكن الفقير داره سنةً بنيّة الزَّكاة لا يجزيه؛ لأنَّ المنفعة ليست بعينٍ متقوَّمةٍ».
(٢) متفق عليه: البخاري (١٥٠٦)، ومسلم [٣/ ٦٩] من حديث أبي سعيد الخدري قال: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعامٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيبٍ»، وهو في التحفة [٣/ ٤٣٥].
(٣) أخرجه ابن خزيمة [٤/ ١٤٧]، ومن طريقه ابن حبان [٨/ ٩٨]، عن أَبِي سعيد الخدري : «أنَّ معاوية بن أبي سفيان، كان يأمرهم بصدقة رمضان، نصف صاع حنطةٍ، أو صاع تمرٍ، فقال أبو سعيد: لا نعطي إلَّا ما كنا نعطي على عهد رسول الله ، صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من أقطٍ، أو صاعاً من زبيبٍ، أو صاعاً من شعيرٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>