للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المأخوذ فيه وما يؤخذ منه، فليس يجوز ترك المقدار المأخوذ منه وأَخذِ بَدَلٍ منه بالقيمة.

ولو جاز ذلك، جاز أن تؤخذ الزَّكاة من غير الحرث والماشية والعين إذا كان قيمتها فيه نصابٌ واحدٌ من هذه الأشياء، فلمَّا لم يجز أن تُجْعل ما عدا هذه الأشياء في وجوب الزَّكاة فيها إذا لم تكن للتّجارة، فكذلك لا يجوز أن يجعل غير المقدار المأخوذ منها في معنى المقدار المأخوذ إذا أخذ بقيمته.

ومما يدلُّ على ذلك أيضاً، أنَّ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ قال لعمرَ في الفرس الذي كان حَمَل عليه في سبيل الله، فوجده يباع بِرُخْصٍ: «لَا تَبْتَعْهُ، وَلَوْ بَاعَكَهُ بِدِرْهَمٍ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ» (١)، فكره النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ أن يعود في صدقته، وإن عادت إليه ببدلٍ يدفعه إلى من تَصدقَ عليه.

فإن قيل: إنَّ الغرض في الزَّكاة إنَّما هو إيصال المنفعة إلى الفقراء والمساكين، فمتى أوصل إليهم مقدار الزَّكاة، جاز ذلك (٢).

قيل له: لو كان كذلك، لكان إذا أسكنهم داراً أو أَخْدَمهم عبداً بمقدار الزَّكاة


(١) متفق عليه: البخاري (١٤٩٠)، ومسلم [٥/ ٦٣]، من طريق مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أنَّ عمر بن الخطاب، قال: «حملت على فرسٍ عتيقٍ في سبيل الله، فأضاعه صاحبه، فظننت أنَّهُ بائعه برخصٍ، فسألت رسول الله عن ذلك، فقال: لا تبتعه، ولا تعد في صدقتك، فإنَّ العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه»، وهو في الموطأ [٢/ ٤٠٠]، والتحفة [٨/ ٥].
(٢) ينظر الاعتراض في: المبسوط [٢/ ١٥٧]، المغني [٤/ ٢٩٦]، المجموع [٥/ ٢٨٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>