للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٢٤١] قال ابن وهبٍ: وسُئِلَ مالكٌ عن العَالِمِ، يُسْأَل عن الشَّيء فيُخطِئُ؟

فقال: ما قال في الخير الَّذِي يَرِدُ عليه أكثر من خطئه.

قال مالكٌ: ومن هذا الَّذِي لا يخطئ؟

قال مالكٌ: قال ابن هرمز: ما طلبنا هذا الأمر حقَّ طلبه.

وقال مالكٌ: قومٌ يُفْتُون النَّاس، لا يَتَّبِعون هذا الأمر حقّ اتِّباعه (١).

• إنَّمَا قال: «إنَّ العالم يجوز له أن يفتي، وإن كان قد يجوز أن يخطئ»؛ لأنَّهُ لو لم يفت لجواز الخطأ عليه؛ لأدَّى ذلك إلى ترك العلم وطلبه، وترك النَّاس العمل بالعلم، وذلك خطأٌ، وقد قال ﷿: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ [الأنبياء:٧٩]، فصوَّب سليمان ومدحه على اجتهاده وصوابه، ولم يذمَّ داود، فدلَّ هذا على جواز الاجتهاد مع عدم النَّصِّ، وقد قال النَّبيُّ : «إِذَا اجْتَهَدَ الحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» (٢)، فدلَّ هذا على جواز الكلام في العلم من طريق الاجتهاد والعمل به مع جواز الخطأ عليه؛ لأنَّ الاجتهاد من أحد أصول العلم الَّذِي لا بدَّ للعلماء منه، إذ أصل العلم: القرآن، والسنَّة، والإجماع، والاجتهاد فيما لا نصَّ فيه، وإذا كان كذلك، جاز لمن عرف جُمْلَة العلم أن يجتهد مع جواز الخطأ فيما يقوله، ولهذا موضعٌ هو أولى بالكلام فيه من هذا الموضع، وسنذكره إن شاء الله.

•••


(١) المختصر الكبير، ص (٥٧٠)، البيان والتحصيل [١٧/ ٥٢٠].
(٢) متفق عليه: البخاري (٧٣٥٢)، مسلم [٥/ ١٣١]، وهو في التحفة [١١/ ٨٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>