للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٢٤٢] قال وسُئِلَ مالكٌ عن طلب العلم، أفريضةٌ هو على النَّاس؟

فقال: لا والله، ولكن يَطْلُبُ منه ما ينتفع به في دينه، ولقد أدركت رجالاً يقولون: «ما طلبنا هذا العلم حين طلبناه لنتحمَّل أمور النَّاس، وما طلبناه إلَّا لأنفسنا»، ونحو هذا من الكلام (١).

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأنَّ طلب العلم الخاصّ، إنَّما هو فرضٌ على جملة المسلمين، وهو على طريق الكفاية من بعضهم لبعضٍ، بمنزلة غسل الموتى والصّلاة عليهم ودفنهم، وبمنزلة الجهاد، أنَّ ذلك كلّه على جملة المسلمين، ليس هو على عين كلّ واحدٍ منهم، فإذا قام به بعضهم، سقط عن الباقين فرضه، فكذلك طلب العلم الخاصّ بهذه المنزلة.

فأمَّا طلب العلم الَّذِي يلزم كلّ واحدٍ في نفسه، فهذا علمٌ يلزم العامّة كلّهم تعلُّمه في الأمر الَّذِي يلزمهم فعله، أو ما ينزل بهم من الحوادث.

وذلك بمنزلة علم الطّهارة والصَّلاة والصِّيام وما أشبه ذلك من فرائض الأبدان، وكذلك الحجّ مثله لمن عليه الحجُّ، وكذلك علم الزَّكاة وأداؤها لمن تجب عليه الزَّكاة، وكذلك علم البيوع مثله، على من مارَسَ ذلك أن يتعلّمه؛ ليؤدّي في ذلك الفرض الَّذِي أمره الله سبحانه ورسوله في ذلك كلّه، فهذا هو علم الأعيان الَّذِي يلزم كلّ واحدٍ في نفسه أن يتعلّمه، وهو علم العامَّة.

فهذا الَّذِي قال مالكٌ: إنَّه الفرض الَّذِي على النّاس تعلّمه.

وأمّا الَّذِي ليس عليهم تعلّمه، أعني: كلّ واحدٍ منهم، فهو على الخاصَّةِ،


(١) المختصر الكبير، ص (٥٧٠)، الجامع لابن وهب [٢/ ٢١٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>