للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فليخرج إذا أراد أن يأكل مثل هذا.

قال مالكٌ: وقد بلغني أنَّ مساجد أهل مصر يُصْبِحُون وبقيَّةُ ذلك في مساجدهم، فلا يعجبني هذا ولا أحبّه (١).

• إِنَّمَا قالَ ذَلِكَ؛ لأن الله ﷿ قال: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ [الحج:٤٠]، وقال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ [النور:٣٦]، فأخبر ﷿ أنَّ المساجد بُنِيَت للصَّلاة والذِّكر اللَّذَينِ هما أمر الآخرة لا أمر الدنيا، فيجب أن يجتنب الأكل والشُّرب والبيع والشَّراء فيها، وكلّ ما كان من أمر الدُّنيا.

وكذلك قال عطاء الخراساني للَّذي رآه يبيع في المسجد: «عَلَيْكَ بِسُوقِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ هذَا سُوقُ الآخِرَةِ» (٢)، فلهذا المعنى يُكْرَه الأكل والشُّرب إذا كثر في المسجد، فأمَّا إذا خفَّ فلا بأس به.

•••

[٣٣٠٦] قال ابن القاسم: سُئِلَ مالكٌ عن الَّذِي يبني في داره مسجداً، ويتَّخِذُ فوقه منزلاً يسكنه، فيفتحونه لِلْقَبِيلِ يصلُّونَ فيه؟

قال: لا خير في أن يَتَّخِذَ فوقه منزلاً لنفسه، وكَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شديدة، قال: وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إمَامَ هُدَىً، وكان قد اتّخذ طريقاً إلى ظَهْرِ المسجد، فربما


(١) المختصر الكبير، ص (٥٨٤)، البيان والتحصيل [١/ ٢٦٨].
(٢) ينظر: الموطأ [٢/ ٢٤٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>