للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبيِّ أَنَّهُ قال: «المَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَال» (١)، فيكره بما ذكرنا كلامُ أهل البدع كلّهم على وجه الجدال وغيره، وتجب مجانبتهم وترك الأُنْسِ بهم، وقد رُوِيَ عن عبد الله بن مسعودٍ أَنَّهُ قال: «إِذَا رَأَيْتَ الفَاجِرَ، فَالْقَهُ بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍ» (٢)، فلهذا قال مالكٌ: إنَّه لا يُسَلَّم عليهم، ولا يَزَوَّج أحدٌ من أهل الأهواء والبدع، من: القدرية، والإباضيَّة، والخوارج، ومن أشبههم.

وقال عبد الرزاق: سألت مالكاً عن القدريّ؟

فقال: هو الَّذِي يقول: «إنَّ الله لا يعلم الشَّيء حَتَّى يكون».

وعلى هذا يدلُّ كلام مالكٍ واحتجاجه على القدرية، أنَّهم هم عنده الَّذِينَ يقولون هذا القول.

وهذا القول مِمَّنْ قاله مخالفٌ للقرآن؛ لأنَّ الله جَلَّ وَعَزَّ قد أخبر عمَّا لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، فقال: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام:٢٨]، وقال: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال:٢٣]، (٣) فمن قال: «إنَّ علم الله جَلَّ وَعَزَّ محدثٌ»، فقد خالف كتاب الله، وضلَّ بقوله، وخالف ما مضى عليه سلف هذه الأمَّةِ.

وقال مالكٌ، عن عمّه أبي سهيلٍ: سألني عمر بن عبد العزيز عن القدريَّة؟

فقلت: أرى أن تستتيبهم، فإن تابوا وإلّا عرضتهم على السّيف.


(١) أخرجه أبو داود [٥/ ٢٨٧]، والترمذي [٤/ ١٨٧]، وهو في التحفة [١٠/ ٣٧٧].
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير [٩/ ١١٢].
(٣) تبدأ اللوحة عند قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>