للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن القاسم: قال مالكٌ: إذا خرج قومٌ على إمام عدلٍ، فأظهروا الهوى والعصبيَّة كما فعله أهل الشّام، فأرى أن يُجَاهَدُوا حَتَّى يرجعوا إلى الحقِّ (١).

وقال مالكٌ: لا يُصَلَّى خلف أهل البدع، ولا تُقْبَل شهادتهم (٢).

فهذا مذهب مالكٍ في أهل البدع والأهواء، مثل: القدريَّة، والإباضيَّة، والخوارج، ومن أشبههم.

ورأيت في كتاب رجلٍ ليس من أهل الفقه، قد نسب مالكاً إلى رأي الإباضيَّة، والشافعيّ إلى رأي الرّافضة، وأبا حنيفة إلى الإرجاء، ولم يَحِلَّ لهذا الرّجل أن يَنْسِبَ هؤلاء القوم إلى دينٍ لا يُعرَفون به.

فأمَّا مالكٌ: فقد ذكرنا قوله في الإباضيَّة، وما يراه من الرّأي فيهم، أنَّهم يُستَتابون، فإن تابوا وإلَّا قُتِلوا.

والإباضيَّة ضربٌ من الخوارج، يتولَّون أبا بكرٍ وعمر، ويتبرَّؤون من عثمان وعليٍّ وكثيرٍ من الصَّحابة .

فهذا ما عرفناه من مذهب مالكٍ، فأمَّا ما في القلب، فلا يعلمه إلّا خالق القلب، ولا يحلّ لأحدٍ أن يَنْسِبَ أحداً إلى دينٍ لا يعلمه، لا سيّما مثل مالك بن أنسٍ في دينه وفضله وإمامته؛ إذ كان من أهل القرآن والحديث والفقه


(١) ينظر: المدوَّنة [١/ ٥٣٠].
(٢) ينظر: المدوَّنة [١/ ١٧٧]، التوسط بين مالك وابن القاسم، ص (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>