للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والورع، وهو إمام دار الهجرة، وشيخ الحجاز الَّذِي حفظ علم الحجاز وعرفه، وقال الشافعيُّ: «لولا مالكٌ وابن عيينة، لذهب علم الحجاز» (١).

وابن عيينة، فإنَّما نُقِلَ عنه الحديث ولم ينقل عنه الفقه، ومالكٌ فنُقِلَ عنه الأمران جميعاً.

وقد أفتى مالكٌ نحواً من سبعين سنةً، وحدَّث مثلها، وحُدِّثَ عنه عشرون ومئة سنةٍ، منها خمسون سنةً وهو حيٌّ، وحدَّث عنه جماعةٌ من التَّابعين، مثل: الزّهريّ، ويحيى بن سعيدٍ الأنصاريّ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وحدَّث عنه الأئمة، مثل: الأوزاعيّ، والثّوريّ، وأبي حنيفة، وحملوا عنه، فكيف يحلُّ لأحدٍ أن يُضِيف مثل هذا الرّجل الجليل إلى بدعةٍ، هذا ما لا يسع مسلماً فعله.

وقد كان مالكٌ - لشدّته على أهل الأهواء والزَّيغ - ينحرفون عنه، فأمَّا أن يُتَعَّلق عنه ببدعةٍ أو حادثةٍ، فنعوذ بالله من ذلك، وقد كان أشدَّ النَّاس اتّباعاً لسلفه وشيوخه مِمَّنْ أدركهم، وإنّما أدرك التَّابعين [في الأكثر] وجالسهم وأخذ عنهم، وقد كان مع ذلك مُعَظِّمَاً للدِّين وأهله، مُجِلّاً للعلم، حَتَّى لا يحدِّثُ إلَّا على طهارةٍ، ولا يفتي إلَّا كذلك، هذا مشهورٌ عنه.

وقد قال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت رجلاً أعقل من مالكٍ، ولا رأيتُ أحداً، لله أهيب في قلبه من مالكٍ» (٢).

وكُتُبُ مالكٍ مملوءةٌ بالرِّواية عن أهل البيت، مثل: عليّ بن أبي طالب،


(١) ينظر: آداب الشافعي ومناقبه، لابن أبي حاتم، ص (١٥٧).
(٢) ينظر: مسند الموطأ للجوهري، ص (١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>