للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة:١٠٣]، وقال تعالى: ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [المعارج:٢٤ - ٢٥]، فأوجب الله سبحانه الزَّكاة في أموال المؤمنين، صغاراً كانوا أو كباراً، وأمر نبِيَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ بأخذِها منهم بقوله: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾، ولم يفرِّق بين صغيرٍ وكبيرٍ.

وكذلك قال النّبيّ : «أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ فَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ» (١)، فلم يفرق بين صغيرٍ وكبيرٍ.

وكما يُعطَى الصغير إذا كان فقيراً، كذلك يُؤخذ منه إذا كان غنياً.

فإن قيل: إنَّ قوله ﷿: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾، إنَّما أراد بذلك من كان بالغاً؛ لأنَّ الصغير لا ذنب عليه فُيَطَهَّر (٢).

قيل له: الطهارة تكون من غير ذنبٍ، وهي رفْعُ درجةٍ وزيادةٌ في الثواب، وقد قال ﷿: ﴿يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ﴾، ولم يكن عليها ذنب يُطَهَّر.

فإن قيل: إنَّ الصغير لَمَّا لم تجب عليه الصلاة، فكذلك لا تجب عليه الزَّكاة؛ من قِبَل أنَّهُ إنَّما خوطب بالزَّكاة من خوطب بالصلاة (٣).


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وهو مشهور في كتب الفقه، وقد ذكر النووي في المجموع [٦/ ١٤٣]، أنَّهُ حديث ابن عباس في إرسال النّبيّ لمعاذ، وفيه: «فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تُؤخذ من أغنيائهم وتردُّ على فقرائهم»، متفق عليه: البخاري (١٣٩٥)، ومسلم [١/ ٣٧]، ومن الفقهاء من يفرِّق بين هذا الحديث وحديث ابن عباس، والله أعلم.
(٢) ينظر الاعتراض في: التجريد للقدوري [٣/ ١٢١٧].
(٣) ينظر الاعتراض في: التجريد للقدوري [٣/ ١٢١٥]، المبسوط للسرخسي [٢/ ١٦٣]، وهو في مصنف عبد الرزاق [٤/ ٦٩]، عن الحسن البصري.

<<  <  ج: ص:  >  >>