للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وإنّما غرضهم فيها المنافع والجودة، ولا فصل بين أن يكون مع الرجل مئتا درهمٍ أو عشرون ديناراً؛ لأنّه يستغني بأحدهما كما يستغني بالآخر، أعني: الغنى الذي تجب عليه فيه الزكاة، فإذا كان كذلك، وجب أن يكون إذا كان معه بعض المئتي درهم وبعض العشرين، أن تكون عليه الزّكاة؛ لكونه غنيّاً بهما، وحصول مقدار ما تجب فيه الزَّكاة معه.
فإن قيل: إنّ النّبيّ لمّا قال: «لَيْسَ فِيمَا دُوْنَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» فنفى الزّكاة فيما دونها، لم يجز أن تؤخذ الزّكاة من دونها إذا كانت معها غيرها؟
قيل له: معنى هذا الخبر إنّما هو: إذا لم يكن معه مئتا درهمٍ وعرض يساوي مئة درهمٍ للتّجارة قد حال عليها الحول، لوجب عليه الزكاة، وكذلك إذا كان معه عشرة دنانير وعرض يساوي مثلها، وجبت عليه الزكاة، إلّا أنّ العرض يقوم مقام العين، وكذلك الدّراهم تقوم مقام الدّنانير، والدّنانير مقام الدراهم؛ لما ذكرناه من حصول الغنى بكلّ واحدٍ منهما.
فإن قيل: إنّهما جنسان مختلفان، وقد فرّق بينهما في الاسم والصّنف، وليس يجوز جمعهما في الزّكاة، ولو جاز ذلك، لجاز ضمّ الحنطة إلى التّمر، والبقر إلى الغنم، فلمّا لم يجز ذلك، فكذلك لا يجوز ضمُّ ذهبٍ إلى فضّةٍ؛ لاختلاف الاسم والصّنف؟
قيل له: اختلاف الاسم والصّنف لا يمنع من وجوب الضّم في الزّكاة، إذا كانت منفعتهما متقاربةٌ.
ألا ترى: أنّا نضمّ الضّأن في الزّكاة إلى المعز، وإن كانت أسماؤها مختلفةً وأجناسها متغايرةً، والدّليل على ذلك قوله ﷿: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ﴾ [الأنعام:١٤٣] وقال تعالى: ﴿وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ﴾ [الأنعام:١٤٤] فجعل الضّأن والمعز صنفين، كما جعل البقر والإبل صنفين ففرّق بينهما في الاسم والصنف، فوجب ضمّهما في الزّكاة لاتّفاق المعاني، وكذلك الذّهب

<<  <  ج: ص:  >  >>