للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وضع آدمي لها، فأشبه ذلك الزرع الذي ينبته الله ﷿، فيجب أن يكون حكمه حكم الزرع في وجوب الزَّكاة فيه، ولم يجز أن يكون حكمه حكم الركاز الذي هو ملك الآدميين، رَكَزوه ودفنوه فأُخِذ منه على سبيل المغنم.

ولهذا قال مالكٌ: «إنَّهُ يُزَكى في المال إذا كان نصاباً ولا ينتظر به حلول الحول عليه»؛ لأنَّهُ شيءٌ يخرج من الأرض ينبت فيها، كالزرع الذي يخرج من الأرض، فوجب أن يُزكَّى في الحال كما يزكى الزرع.

ولم يشبه المال المستفاد الذي يستقبل به الحول، كما لم يشبه الزرع سائر الأموال المستفادة، والمعنى الجامع بينهما هو أنَّهُ شيءٌ خارجٌ من الأرض فيه الزَّكاة كالزرع أنَّه شيءٌ خارجٌ من الأرض فيه الزَّكاة، فاجتمعا في هذا المعنى في أن يزكيا في الحال.

ولو زُكي بعد الحول، لما كان ذلك زكاة المعدن، ولكان ذلك كالمال المستفاد، ولا بد لقولهم زكاة المعدن من فائدةٍ غير فائدة زكاة المال المستفاد.

وقوله: «ما دام نيلٌ»، يعني: باقياً لا ينقطع، فإنه يُضم بعضه إلى بعضٍ ويُزكى إذا خرج منه مقدار النصاب فأكثر؛ لأنَّ حكمه حكم الزرع واحدٌ، أنَّهُ يزكى إذا كان مقدار ما فيه الزَّكاة.

فإن انقطع نيلُه وجاء نيلٌ آخر ائتنف الزَّكاة في الثاني، ولم يضم إلى الأول؛ لأنهما نيلان مختلفان، فأشبه الزرعين المختلفين في الوقت والنبات أنَّهُ لا يضم أحدهما إلى الآخر، لكنه يزكى كل واحدٍ على حِدَتِهِ.

•••

<<  <  ج: ص:  >  >>