• إنَّمَا قال ذلك؛ لأنَّ الهدي قد وجب بالتقليد والإشعار، فليس يقدر صاحبه على ردّه إلى ملكه، ولو مات لم يملكه ورثته عنه ولا جاز لهم قسمه على سهام الميراث، وإذا كان كذلك، فمن ذبحه أو نحره جاز، سواءٌ كان بأمر صاحبه أو بغير أمره؛ لأنَّهُ فَعَلَ ما على صاحبه أن يفعله.
فأمَّا إذا كان الهدي شاتين، فإنَّ على كلّ واحدٍ منهما غرم قيمة الشاة لصاحبه، وعليه هدي مستأنفٌ؛ من قِبَلِ أنَّ الشّاة لا تُوجَب بالتّقليد والإشعار كما توجب البدنة والبقرة بالتّقليد والإشعار، وإنَّما تجب الشاة بالذبح، فليس يجوز أن يوجب مال غيره هدياً عن نفسه.
فإن كان أوجب شاةً هدياً بالقول، فإنَّ الحكم فيها كالحكم في البدنة والبقرة إذا أوجبهما بالتقليد والإشعار؛ لأنَّهُ لا يقدر على ردّها إلى ماله بعد إيجابها هدياً بالقول.
ونقل ابن عبد الحكم أمر الشّاتين على أنَّهُ اختلافٌ من قول مالكٍ، والذي عندي أنَّ مالكاً فرَّق بين الشّاة والبدنة والبقرة لهذا المعنى الذي ذكرت، لا أنَّهُ اختلاف قولٍ، والله أعلم.
(١) المختصر الكبير، ص (١٧٠)، وقد نقل التلمساني في شرح التفريع [٦/ ٦٧]، هذه المسألة، وينظر: المدونة [١/ ٤٨٠]، النوادر والزيادات [٢/ ٤٥٥]، الاستذكار [١٣/ ٩٨]، البيان والتحصيل [٤/ ٢٥].