للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النّبيّ : «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيّ»، وروى ذلك جماعةٌ، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة (١)، عن أبي موسى الأشعري، عن النّبيّ (٢).

فجعل الله تعالى ورسوله إنكاح النِّساء إلى أوليائهن، وأقرب الأولياء هو الأب؛ لأنَّهُ ليس أحدٌ أنظر لنفسه من نفسه، ثم من أبويه.

وإذا كان كذلك، كان أمر البكر إلى أبيها؛ لأنها ليست من أهل النظر لنفسها؛ لأنها لم يبرز وجهها، ولم تعلم أحوال الرّجال ولا اختبرتهم فتعرف ما يصلحها وما لا يصلحها منهم، فكان أمرها إلى أبيها واختيار ذلك إليه؛ لمعرفته بذلك وقصور معرفتها عن ذلك، فجاز له أن يزوِّجها بغير رضاها؛ لأنها لا تعرف موضع الاختيار لنفسها، وهو أعرف بذلك منها، فجاز لهذه العلَّة عقده عليها جبراً (٣).

فإذا صارت ثيباً فعرفت حال الرّجال وخبرتهم وكانت رشيدةً، لم يعقد عليها أبوها جبراً؛ لأنها تعرف من مصلحة نفسها وخَبِرَتِ الرّجال مثل ما يعرفه أبوها، فلم يكن له أن يعقد عليها جبراً، بل يزوِّجها إذا أرادت، وليس كذلك البكر.

وقد روى مالكٌ، عن عبد الله بن الفضل (٤)، عن نافع بن جبيرٍ (٥)، عن


(١) أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، ثقةٌ، من الثالثة. تقريب التهذيب، ص (١١١٢).
(٢) أخرجه أبو داود [٣/ ٢٠]، والترمذي [٢/ ٣٩٢]، وابن ماجه [٣/ ٧٩]، وهو في التحفة [٦/ ٤٦٠].
(٣) نقل التلمساني في شرح التفريع [٦/ ٢٥١]، هذا التعليل عن الأبهري.
(٤) عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقةٌ، من الرابعة. تقريب التهذيب، ص (٥٣٥).
(٥) نافع بن جبير بن مطعم النوفلي المدني، ثقةٌ فاضلٌ، من الثالثة. تقريب التهذيب، ص (٩٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>