للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العقد، وهو نكاح التفويض، فقال ﷿: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة:٢٣٦]، فلما جاز النّكاح كذلك على غير عوضٍ مسمى في حال العقد، ولم يَجُزْ ذلك في البيع، جاز أن يسمى في النّكاح شيءٌ وإن لم يُعَيَّن؛ لأنَّهُ موضوعٌ على المكارمة والمواصلة، دون المتاجرة والمكايسة.

ألا ترى: أنَّ من عرف النَّاس وغالبهم المكايسة في البيوع دون المسامحة، ومن عرفهم وعادتهم في الأكثر المسامحة في الصداق، إما من جهة التزويج (١) بزيادةٍ في الصداق، أو من جهة المرأة بالنقصان من صداق مثلها.

فجاز لهذه العلَّة النّكاح على الوصفاء من العبيد والإماء، ثم يُرجع في ذلك إلى ما يتعارفه النَّاس في البلد من رقيقهم، وكذلك يجوز على شَورة البيت وهي جهاز البيت، ثم يرجع إلى ما يتعارفه النَّاس، وعلى حسب حال الزّوج والزوجة.

وقد أجاز النَّاس الكتابة على الوصفاء، والكتابة فهي معاوضةٌ، ثم يجوز فيها أن تكون على وصيفةٍ غير معينةٍ؛ لأنَّ الكتابة أيضاً لا تجري مجرى المكايسة؛ لأنَّهُ يدخلها حريةٌ وهي قربةٌ إلى الله تعالى، وكذلك النّكاح هو فعل خيرٍ يُتَقرب به إلى الله تعالى، وليس يجري مجرى المعاوضة على الأموال، والله أعلم (٢).

•••


(١) قوله: «التّزويجِ»، كذا في شب، ولعلها: «الزَّوجِ»، والله أعلم.
(٢) نقل التلمساني في شرح التفريع [٦/ ٣٢٨]، هذا الشرح عن الأبهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>