كتاب شرح المختصر الكبير للأبهري

كتاب الطلاق - الخلع على غير عوض - ج: 1 - ص: 755

• إنَّمَا قال ذلك؛ لأنَّ الله تعالى قال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء:٣٥]، فأوجب الله سبحانه على الأئمة أن يبعثوا حكماً من أهل الزّوج وحكماً من أهل المرأة، لينظرا ويجتهدا في الإصلاح، فإن انصلح ما بينهما، وإلّا فرّقا ليزول الضّرر، فلا يتركان مع وقوع الشّقاق ووجود الإضرار.

وقد فعل ذلك عثمان بن عفانٍ ﵁، أرسل ابن عباسٍ ومعاوية حكمين بين عقيل وفاطمة بنت عتبة بن ربيعة (١).

رواه معمر، عن ابن طاوس (٢)، عن عكرمة (٣)، عن ابن عباسٍ، قال: «بُعِثْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ حَكَمَيْنِ، فَقِيلَ لَنَا: إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا»، «قالَ مَعْمَرٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ عُثْمَانَ بَعَثَهُمَا» (٤).

وروى ابن جريجٍ، عن ابن أبي مليكة (٥)، قال: «تَزَوَّجَ عقيلُ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَاطِمَةَ بِنْتَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَبَعَثَ عُثْمَانُ مُعَاوِيَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ حَكَمَيْنِ بَيْنَهُمَا» (٦).

---

(١) نقل التلمساني في شرح التفريع [٧/ ٢٨٦]، هذا الشرح عن الأبهري.
(٢) عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني، ثقةٌ فاضلٌ عابدٌ، من السادسة. تقريب التهذيب، ص (٥١٦).
(٣) عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي، ثقةٌ، من الثالثة. تقريب التهذيب، ص (٦٨٧).
(٤) أخرجه عبد الرزاق [٦/ ٥١٢].
(٥) عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة، ثقةٌ فقيهٌ، من الثالثة. تقريب التهذيب، ص (٥٢٤).
(٦) أخرجه عبد الرزاق [٦/ ٥١٣]، والبيهقي في السنن الكبرى [١٥/ ١٥٣].