للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: «إنَّ إليهما الفرقة إن رأيا ذلك»؛ فلأنَّهما لَمَّا كانا حكمين، جاز حكمهما في الفرقة والاجتماع من غير توكيلٍ من الزوجين؛ لأنَّ الحاكم لا يحتاج فيما يحكم إلى توكيلٍ من المحكوم عليه؛ إذ كان حكمه وما يراه مما يؤدي اجتهاده إليه أنَّهُ حقٌّ وصلاحٌ نافذٌ على المحكوم عليه.

ولا وجه لتوكيل المرأة في الطّلاق؛ لأنَّهُ ليس إليها الطّلاق، ومحالٌ أن يُوَكَّلَ إنسانٌ في شيءٍ ليس إليه، وقد قال علي بن أبي طالب للحكمين: «أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟، إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا» (١).

وكذلك إن رأيا أن يأخذا من مال المرأة شيئاً حتّى يكون خلعاً، جاز فعلهما ولزمهما ذلك؛ لِمَا ذكرناه أنَّ حكم الحاكم يلزم المحكوم عليه إذا كان حقّاً، رضي به أم لا، ومن الحقِّ الفرقة بينهما إذا تضارَّا.

فإن كان الضرر من قِبَلِ الزّوج، لم يحل له أخذ شيءٍ من مالها، ولم يجز للحكمين أن يدفعا إليه شيئاً من مالها؛ لأنَّ ذلك ليس بصلاحٍ.

وإن كان الضّرر والنّشوز من قبل المرأة، جاز أن يأخذا من مالها شيئاً ويدفعاه إلى الزّوج ليفارقها ويزول الضّرر والشّقاق الذي بينهما، وليس للمرأة أن تمتنع من ذلك، بل يلزمهما ما فعل الحكمان، وكذلك يلزم الزّوج (٢).

وروى عبد الرزاق، عن معمرٍ، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة قال:


(١) أخرجه عبد الرزاق [٦/ ٥١٢]، والنسائي في السنن الكبرى [٤/ ٤٢١].
(٢) نقل التلمساني في شرح التفريع [٧/ ٢٨٩]، هذا الشرح عن الأبهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>