للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• إنَّمَا قال ذلك؛ من قِبَل أنَّ الشهادة إذا كانت على القول، ثم اختلف الشهود في وقت ما سمعوا القائل لذلك واتفقوا في معنى الشهادة، حُكِم بقولهم إذا شهدوا عند الحاكم؛ لأنَّ القول يعاد مثله ويُكرر، فجاز قبول الشهادة عليه؛ لأنَّ معناه لا يختلف ويعاد مثل الأول.

ألا ترى: أنَّ رجلاً لو شهد على رجلٍ أنَّهُ أقرَّ بدرهمٍ لزيدٍ في شعبان، وشهد آخر أنَّهُ أقر عنده بدرهمٍ لزيدٍ في رمضان، لكانت الشهادة جائزةً على المقِرِّ بدرهمٍ لزيدٍ وإن اختلف وقت الإقرار؛ لأنَّ معناه واحدٌ وليس يختلف حكم الأول والثاني، وإن كان القول الثاني غير الأول، ولا نعلم خلافاً في قبول هذه الشهادة والحكم بها، مع العلم بأنَّ القول الذي شهدوا عليه في وقتين مختلفين، فكذلك كل قولٍ كانت الشهادة عليه حُكم به إذا كان شاهدين، وإن كانت شهادتهما عليه في وقتين مختلفين، فكذلك كل قولٍ كانت الشهادة عليه حكم به (١).

فأمَّا إذا كانت الشهادة على الأفعال، لم تقبل إلَّا بشهادة أربعةٍ على فعلٍ واحدٍ إذا كان الزنا، أو شاهدين إذا كان غير زنا، مثل السرق والقتل وما أشبه ذلك من أفعال البدن؛ بدلالة أنَّ الشهادة على الزنا لا تقبل إذا اختلف الشهود في الشهادة على فعله.

فلهذا قال مالك: «إنَّ الشهود إذا اختلفوا في وقت القول أنها تقبل، وإن اختلفوا في وقت الفعل لم تقبل» (٢).


(١) نقل التلمساني في شرح التفريع [٧/ ٣٠٦]، هذا الشرح عن الأبهري.
(٢) ينظر: المدونة [٢/ ٩١]، والمسألة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>