للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: إنَّ العاملة على صاحبها مؤنةٌ، وليس كذلك السائمة، فلم تجب الزَّكاة في العاملة لمخالفتها للسائمة (١).

قيل له: المؤنة التي تلزم صاحب العاملة، بإزائها العمل الذي يُعمل له أو الأجرة التي يأخذ منها؛ لأنَّ النَّاس لا يَكْرُونَ كراءً لا يقوم بمؤنة الإبل، وإنَّما يكرون بما يقوم بمؤنتها وفضلٍ، وكذلك يستعملونها فيما هو أنفع لهم من المؤنة عليها، هذا هو عرف النَّاس وعاداتهم، لا يذهب عن ذلك عاقلٌ، على أنَّ المؤنة لا تُسقط الزَّكاة، وإنَّما تخفف.

ألا ترى: أنَّ رجلاً لو أنفق على زرعٍ له أضعاف قيمته، لوجبت عليه الزَّكاة ولم تسقط للمؤنة، فكذلك لا تَسقُط زكاة العاملة لمؤنتها.

وإذا بطل التخفيف لزكاتها (٢) ولم يجز إسقاطها للدليل الذي ذكرناه، وجب أن تؤخذ الزَّكاة منها لِمَا ذكرناه من الخبر والقياس.

فإن قيل: فأنت لا توجب الزَّكاة في الحلي إذا اتُّخِذ للزينة واللبس وإن كانت عينه مزكاةً، فكذلك يجب أن لا تأخذ الصدقة من الإبل والبقر العاملة إذا أراد بها الزينة والعمل، وإن كان في عينها الزَّكاة (٣).

قيل له: ليس تشبه الإبل العاملة الحلي؛ من قِبَل أنَّ الحلي ليس يَقدر أن يَطلب فيه النماء بالتقلب في البيع والشراء متى اتخذه للبس والزينة، والزَّكاة


(١) ينظر الاعتراض في: المغني [٤/ ١٢].
(٢) يعني: لأجل ما ذكره من أن النَّاس يستفيدون من كريها، والله أعلم.
(٣) ينظر الاعتراض في: الحاوي للماوردي [٤/ ١٦٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>