ذلك أدنى ما يكفي الإنسان في أداء فرضه، وهو ثوبٌ لكل رجلٍ، ودرعٌ وخمارٌ لكل امرأةٍ، فلم يجز الاقتصار على أدنى ما يقع عليه اسم الكسوة، كما لم يجز الاقتصار في الإطعام على أدنى ما يقع عليه الاسم، حتى يكون ذلك كافياً للمطعَمِ في يومه.
ولَمَّا أطلق الله سبحانه نفقة الزوجات وكسوتهن، ثمّ قدَّرناها نحن ومخالفنا (١) لحاجة المرأة إلى ذلك، ولم يقتصر على ما يقع عليه الاسم، فكذلك كفّارة اليمين مثلها؛ لحاجة الفقير إلى ذلك.
ولئن جاز أن يعتبر مخالفنا مقدار النفقة على الزوجات من مقدار الإطعام في الكفارات، جاز أن يعتبر غيره مقدار كسوة الفقير من مقدار كسوة الزوجة في أنّه لا يجوز الاقتصار على أقل ما يقع عليه الاسم.
فأمّا العتق: فيجب أن تكون الرقبة مؤمنةً؛ لأنّها واجبةٌ في الكفّارة في اليمين بالله ﷿ كوجوبها في كفّارة القتل، فلمَّا شرط الله ﷿ الإيمان في كفّارة القتل، كان كذلك كلّ عتقٍ في كفارةٍ واجبةٍ مثلها في الإيمان، وكذلك في كفّارة الظهار واليمين.
وقوله:«ولا عتاقة فيها، ولا كتابة ولا تدبير»، فإنَّ هذه الأشياء هي عقود حريةٍ قد ثبت لها، والذي أمره الله تعالى بتحرير رقبةٍ مبتدأٍ بها من غير ثبوت عقد حريةٍ فيها على وجهٍ ما.
(١) وهم الشافعية القائلون بأن الكفّارة في اللباس تجزئ بأقل ما يقع عليه الاسم، ينظر: الأم [٨/ ١٥٩]، الحاوي للماوردي [١٩/ ٣٧٧].