للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجعل الله تعالى لكل مسكينٍ جزءاً من عشرة أجزاء من كلّ كفارةٍ، فلا يجوز أن يزاد على ذلك، كما لا يجوز أن ينقص منه.

ولهذا المعنى قال مالك: «لا يجوز أن يقتصر في الكفّارة على إطعام عشرة مساكين»؛ لإيجاب الله تعالى ذلك واشتراطه عدد المساكين، فكما لا يجوز أن يزاد على عددهم في الإطعام؛ لأنَّ ذلك ضررٌ يدخل على العشرة الذين شركوا، فكذلك لا يجوز أن ينقص العشرة في الإطعام؛ لأنَّ ذلك ضررٌ يدخل عليهم، فلمَّا لم تجز الزيادة على عددهم لدخول الضرر على العشرة ونقصان ما يأخذونه، كان أن لا يمنع بعض العشرة من الكفّارة أولى.

فإن قيل (١): إنَّ المسكين الواحد إذا كرَّر عليه الإطعام، فهو بمنزلة عشرة مساكين أن لو أُطْعِموا؟

قيل له: لو كان كذلك، لكان الشاهد إذا كرر الشّهادة، بمنزلة شاهدين في جواز الحكم بها، وهذا غلطٌ؛ لأنَّ عين الشاهد الأول غير الثاني، فكلّ عين كلّ مسكينٍ غير عين صاحبه، ولا ينوب أحدهما عن الآخر، كما لم تنب شهادة شاهدٍ عن شاهدٍ.

وكما لم يجز تجاوز عدد عشرة مساكين في الإطعام، كذلك لا يجوز تجاوز مسكينٍ واحدٍ في المقدار.

وكما لا يجوز ذلك في الوصايا إذا أوصى لعشرة مساكين بعشرة أمدادٍ أن


(١) ينظر الاعتراض في: بدائع الصنائع [٥/ ١٠٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>