للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي لبابة (١) أخبره: «أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ المُنْذِرِ لَمَّا تَابَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّ مْنِ تَوْبَتِي إِلَى اللهِ ﷿، أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي وَأُسَاكِنَكَ وَأَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً للهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ ، فَقَالَ: يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ» (٢).

وقد قال الله ﷿: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [القصص:٧٧]، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ﴾ [الإسراء:٢٩]، فأمر نبيه أن لا ينسى نصيبه من الدنيا فيما بالخلق ضرورةٌ إليه، من القوت ومما لا بد له؛ مما يقيم رمقه وما يلبسه، ليؤدي فرضه ويستر عورته.

ومما يدل على صحة ما قاله مالك، أنَّ المريض لمّا مُنِع من إخراج ماله إلّا من الثلث على غير معاوضةٍ؛ نظراً لوارثه وإبقاءً عليهم، وجب أن يُبَقِّيَ المرء على نفسه متى قصد لإخراج ماله على غير القربة المجردة، لكن قصد به اليمين أو علَّقه بسببٍ.

وأمّا أن يبدأ بإخراج ماله متقرباً إلى الله ﷿، جاز ذلك بعد أن يبقي لنفسه ما لا بد له من ثوبٍ وقوتٍ، وإن كان الاختيار له غيره، إلّا أن يكون ممن يقوى إيمانه على ذلك وتحتمل نفسه حمل المكاره والبؤس، فلا يمنع من ذلك.

وقد تصدَّق جماعةٌ من أصحاب رسول الله بأموالهم، منهم:


(١) الحسين بن السائب بن أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري المدني، مقبول، من الثالثة. تقريب التهذيب، ص (٢٤٧).
(٢) أخرجه أحمد [٢٥/ ٢٧] بهذا الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>