للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو بكر الصديق ، تصدَّق بماله كلِّه، وعمر بنصفه (١)، ومنهم من كان لا يدَّخر شيئاً، وهم أهل الصُّفَّة.

وقد رَوَى قتيبة بن سعيد (٢)، عن جعفر بن سليمان (٣)، عن ثابت، عن أنس: «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ لَا يَدَّخِرُ قُوتَاً لِغَدٍ» (٤).

فأمّا من قال: إنَّ عليه كفّارة يمينٍ، فلا وجه لقوله؛ من قِبَلِ أنّه يعدل عن شيءٍ قد ألزمه العاقد نفسه إلى شيءٍ غيره لم يوجبه على نفسه، ولو جاز ذلك له، لجاز ذلك أيضاً في العتق والحج وغير ذلك مما يوجبه الإنسان على نفسه أن يعدل فيه إلى غيره، وهذا فاسدٌ بإجماعٍ.

فأمّا إذا قال لشيء من ماله بعينه، فإنّه يخرجه كله بالغاً ما بلغ؛ لأنّه لم يَعُمَّ ملكه كله بالصدقة، فقد بقَّى لنفسه شيئاً وأوجب ما سماه للمساكين، فوجب


(١) أخرجه أبو داود [٢/ ٣٧٩]، من طريق أسلم مولى عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: «أمرنا رسول الله يوماً أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله : ما أبقيت لأهلك، فقلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال له رسول الله : ما أبقيت لأهلك؟، قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً»، وهو في التحفة [٨/ ٧].
(٢) قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي البغلاني، ثقة ثبت، من العاشرة. تقريب التهذيب، ص (٧٩٩).
(٣) جعفر بن سليمان الضبعي البصري، صدوق زاهد، لكنه كان يتشيع، من الثامنة. تقريب التهذيب، ص (١٩٩).
(٤) أخرجه الترمذي [٤/ ١٧٦]، وهو في التحفة [١/ ١٠٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>