عليه أن يخرجه؛ لأنّه بهذا القول ليس بمتعدٍّ، كما يكون بقوله:«مالي صدقةٌ» متعدِّياً؛ لأنّه لم يبق لنفسه شيئاً إذا عم ملكه، وإذا خص من ماله شيئاً، فقد بقَّى لنفسه منه، فافترقا لهذه العلة.
وذلك بمنزلة ما يعم النساء بالطلاق إذا تزوَّج منهنَّ امرأةً، أنَّ ذلك غير لازمٍ له؛ لأنَّ هذا عقد معصيةٍ، وإذا خصَّ فخذاً أو قبيلاً، لزمه ذلك؛ لأنّه ليس عقد معصيةٍ، إذ لم يمنع نفسه من جملة النكاح، وقد ذكرنا هذا فيما تقدَّم.
وقال ابن وهب عن مالك:«إنه إذا سمَّى أكثر من ثلث ماله، اقتصر على الثلث في الإخراج»(١).
ووجه ما ذكرناه؛ أنّه لمّا تعدَّى الثلث، وكان ذلك مكروهاً من فعله، قُصر على الثلث، كالمريض إذا تعدَّى الثلث بأي وجه كَانَ، وكانَ إخراجه ماله على غير معاوضةٍ، أنّه يُرَد إلى الثلث، إلّا أن يجيز ذلك الورثة.
وقوله:«إنه إن جعل ذلك هدياً فإنّه يخرجه»؛ فلأنه لا فرق بين أن يجعل ذلك هدياً أو يجعله للفقراء؛ لأنَّ ذلك كلّه مما يتقرَّب به إلى الله ﷿، فعليه إخراجه والوفاء به.
فإن كان الشّيء مما يصلح أن يكون هدياً ساقه وذبحه بمكَّة؛ لأنَّ الهدي لا يكون بغيرها.
وجاز له أن يأكل هو منه أو يبعث معه؛ لأنّه هدي تطوُّعٍ يجوز الأكل منه إذا نُحِر في موضعه.