للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: فقد قال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ: «فِيمَا سَقَتِ السَّماءُ العُشْرُ» (١)، وهذا على عمومه في الفواكه والبقول أنَّ فيها العشر أو نصف العشر (٢).

قيل له: معنى ذلك إذا كانت مما يُوسَق، فأمَّا إذا كان ذلك مما لا يوسق فلا زكاة فيه؛ للحديث الذي ذكرناه من إيجاب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ الصدقة في الموسق من التمر والحبِّ.

ولم يجز أن يؤخذ بظاهر قوله: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ» دون ضم الحديث الآخر إليه من إيجابه الزَّكاة في الموسَّق، كما لم يجب أن يؤخذ بعموم قوله: «وَفِي الرِّقَةِ رُبُعُ العُشْرِ» (٣) دون أن يضم إليه الحديث الآخر: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» (٤).

ومما يدلُّ على أن لا زكاة في الفواكه والبقول، أنَّا وجدنا الأصول التي فيها الزَّكاة المتفق عليها قد عُفي عن قليلها، أعني: الذَّهَب والفضة والماشية، وجعل لها نُصُبٌ أُخِذت منه الزَّكاة دون ما هو أقل منه، فلو كان في الفاكهة والبقول الزَّكاة، لكان لها نُصبٌ تؤخذ الزَّكاة منه، كما كان ذلك في الذَّهَب والفضة والمواشي.

ومما يدلُّ على أن لا زكاة في البقول والفواكه، أنَّهُ لم ينقل عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ أنَّهُ أخذ الزَّكاة منها، ولو كان فيها الزَّكاة، لأخذ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ الزَّكاة منها، ولو أخذ منها، لنُقل إلينا، ومعلومٌ أنَّهُ قد كان في وقته بقولٌ وفاكهةٌ.


(١) أخرجه البخاري (١٤٨٣)، وهو في التحفة [٥/ ٤٠٢].
(٢) ينظر الاعتراض في: المبسوط [٣/ ٢]، بدائع الصنائع [٢/ ٥٣].
(٣) هي قطعة من حديث أنس المتقدِّم في المسألة رقم ٣٦.
(٤) هي قطعة من حديث أبي سعيد الخدري المتقدِّم في المسألة رقم ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>