قال في شرح التفريع [٨/ ٣٢]: «قال الأبهري: وإنّما جوِّزت العريّة؛ لأنّه معروفٌ يفعله الإنسان، وذلك فعل خيرٍ، وقد قال تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج:٧٧]، وكان رسول الله ﷺ يأمر مصدّقيه أن يُخَفِّفُوا، وقال: «إِنَّ فِي المَالِ العَرِيَّةَ وَالوَصِيَّةَ». [٢٤٨]- (ومن ملك عريّةً فلا يجوز له بيعها حتّى يبدو صلاحها، فإذا بدا صلاحها جاز بيعها من المُعرِي وغيره بالدّنانير والدّراهم، ولم يجز بيعها بالثّمر من غير مُعرِيها، ويجوز بيعها من المُعرِي خاصَّةً بخرصها تمراً يعطيه إيّاه عند جذاذها، ولا يعجّله قبله، ولا يؤخّره بعده، وذلك إذا كان قدرها خمسة أوسقٍ فما دونها، ولا يجوز فيما فوقها). قال في شرح التفريع [٨/ ٣٤]: «واختلف: هل تباع بخرصها نقداً: فمنعه مالكٌ وابن القاسم. قال الأبهري: لأنّه يصير بيع تمرٍ برطبٍ نقداً وذلك غير جائزٍ». وقال أيضاً في [٨/ ٣٥]: «وأمّا قوله: ولا يؤخره بعده، فلأنّه إذا أخّره خرج عن الرّخصة وصار مزابنةً. وقد روى حماد بن سلمة، عن أيوبٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر: «أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ نَهَى عَنِ المُزَابَنِةَ»، قال أيّوب: «ورخَّص رسول الله ﷺ في العرايا: النّخلة والنّخلتين توهبان للرّجل، فيبيعها بخرصها تمراً». قال الأبهري ﵁: فلهذا قال مالكٌ ﵁: إنّه يجوز أن يبيعها بخرصها تمراً إلى أجلٍ؛ لأنّ المُعرِي لم يقصد بشراءها طلب الفضل والفخر، وإنّما أراد التّخفيف عن نفسه بقطع طريق المعري إلى حائطه ودخوله وخروجه؛ لأنّ ذلك يشقّ عليه.