جدًّا، فالظاهر أن هذه مسألة فرضية، أما من كان حديث عهد بالإسلام فهذا ربما يجهل صيام كل الشهر.
أما جواب الفقرة الثانية: عن الرجل الذي كان يصوم: لأنه يرى أن الناس يصومون فصام معهم فالظاهر أن هذا يصح صومه؛ لأنه يمسك بنية وهي أنه يفعل كما يفعل المسلمون، والمسلمون يفعلون ذلك تعبدًا لله عز وجل، لكن يجب أن يبين له أن الصوم عبادة وأن ترك الإنسان طعامه وشرابه وشهوته لابد أن يخلص فيه لله عز وجل، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي:"يَدَع طَعَامه وَشَرَابه وَشَهْوَتَه مِنْ أجْلِي"(١) .
- وسئل أيضًا العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله-:
عمن أكل ظانًّا أن الشمس قد غربت فتبين أنها لم تغرب؟
فأجاب: فقد اختلف العلماء في وجوب القضاء عليه:
فقال الجمهور بوجوبه، مستدلين بما روى مالك عن عمر: أنه أفطر ثم طلعت الشمس، فقال:"الخطب يسير، وقد اجتهدنا". وزاد عبد الرزاق فى روايته من هذا الوجه:"نقضي يومًا".
وله من طريق حنظلة عن أبيه نحوه، ورواه سعيد بن منصور، وفيه: فقال: "من أفطر منكم فليصم يومًا مكانه". وبما روى هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أفطرنا على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم غيم ثم طلعت الشمس. قيل لهشام: أمروا بالقضاء؟ قال:"بد من قضاء". رواه البخاري.
وقال آخرون: لا قضاء عليهم، واستدلوا لذلك بما روى زيد بن وهب قال: كنت جالسًا في مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتينا بعساس فيها شراب من بيت حفصة، فشربنا ونحن نرى أنه من الليل، ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة، قال فجعل الناس يقولون: نقضي يومًا مكانه، فقال عمر:"والله لا نقضيه، ما تجانفنا لأثم".
وممن قال بهذا القول مجاهد، والحسن، وإسحاق، وأهل الظاهر، وهو إحدى
(١) "فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين" (١/٥٣٦-٥٣٧) .