أنعم الكريم على الأمة بتمام إحسانه، وعاد عليها بفضله وامتنانه، وجعل شهرها هذا مخصوصاً بعميم غفرانه.
يا إخوتاه: أيام رمضان أيام محو ذنوبكم فاستغيثوا إلى مولاكم من عيوبكم.
هي أيام الإنابة فيها تفتح أبواب الإجابة، فأين اللائذ بالجناب، أين المتعرّض بالباب، أين الباكي على ما جنى، أين المستغفر لأمر قد دنا.
كم منقول في هذه الليلة من ديوان الأحياء عن قريب يفاجأ بالممات وهو مقيم على السيئات، ألا رب فَرِح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى ألا رب غافل عن تدبير أمره قد انفصمت عُرَى عمره، ألا رب مُعْرض عن سبيل رشده قد آن أوان شق لحده، ألا رُبّ رافل في ثوب شبابه قد أزف فراقه لأحبابه، ألا رب مقيم على جهله قد ترب رحيله عن أهله، ألا رب مشغول بجمع ماله قد حانت خيبة آماله، ألا ربّ ساع في جمع حطامه قد دنا تشتت عظامه، ألا ربّ مُجدّ في تحصيل لذاته قد آن خراب ذاته.
أين المعتذر مما جناه فقد اطلع عليه مولاه، أين الباكي على تقصيره قبل تحسره في مصيره.
يا مطروداً ما درى، تعاتب ولا تفهم ما جرى، متى تُرَى على الباب تُرَى.
تعالوْ كلّ من حضرا ... لنطرق بابه سحرا
ونبكي كلنا أسفا ... على من بات قد هجرا
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أتاني جبريل، فقال: يا محمد، من أدرك أحد والديه فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، قال: يا محمد، من أدرك شهر رمضان فمات ولم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل آمين، فقلت: آمين، قال: ومن ذُكرت عنده فلم يُصل عليك فمات فدخل النار فأبعده