للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين، ويرجع هذا التأويل الروايات الأخرى المصرحة بالمراد، وأولى ما فسر الحديث بالحديث".

عن عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتحفّظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عد ثلاثين يوماً ثم صام" (١) .

وعن حذيفة مرفوعاً: "لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة" (٢) .

قال ابن حجر (٤/١٤٦) : "قوله: (فأكملوا العدة) يرجع إلى الجملتين وهو قوله: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة" أي غمّ عليكم في صومكم أو فطركم، وبقية الأحاديث تدل عليه فاللام في قوله: "فأكملوا العدة" للشهر أي عدة الشهر، ولم يخص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شهراً دون شهر بالإكمال إذا غمّ فلا فرق بين شعبان وغيره في ذلك، إذ لو كان شعبان غير مراد بهذا الإكمال لبينه فلا تكون رواية من روى: "فأكملوا عدة شعبان" مخالفة لمن قال: "فأكملوا العدة" بل مبينة لها. ويؤيد ذلك قوله في الرواية الأخرى: "فإن حال بينكم وبينه سحاب فأكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً".

"فاقدروا له" قال النووي في "المجموع" (٦/٤٥٧-٤٦٠) : "قال أهل اللغة: هو من التقدير. قال الخطابي: ومنه قوله تعالى: "فقدرنا فنعم القادرون". قال الإمام أبو عبد الله الماوردي: حمل جمهور الفقهاء قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فاقدروا له" على أن المراد إكمال العدة ثلاثين يوماً. والوجه الثاني: أن معنى: "اقدروا" ضيقوا عدة شعبان كما قال الله: (ومن قدر عليه رزقه) أي ضيق. وقال النووي: يحتمل رجوعه إلى هلال شوال لأنه سبقه بقوله: "وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم" يعني هلال شوال. والرأي الأول أقوى.

النهي عن صوم المرأة تطوعاً إلا بإذن زوجها وهو حاضر:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا


(١) صحيح: رواه الدارقطني وصححه ابن خزيمة في "صحيحه"، ورواه أبو داود في "الفتح" (٤/١٤٥) .
(٢) صحيح: رواه أبو داود والنسائي وابن خزيمة وصححه ابن خزيمة وابن حجر في "الفتح" (٤/١٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>