للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة الذين منعوا مطلقًا

أولاً: النصوص التي تدل بعمومها على منع النيابة:

استدلّوا بقوله تعالى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) [النجم: ٣٦ - ٣٩]

يقول القرطبي: "أخبر تعالى أنّه ليس للإنسان إلا سعي نفسه، فمن قال إنّ له سعي غيره، فقد خالف الآية" (١) .

ويقول ابن كثير: "كلّ نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب فإنَّما عليها وزرها، لا يحمله عنها أحد، وكذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه" (٢) .

ويعتبر ما دلت عليه هذه الآية قاعدة من قواعد دين الله في كلّ شريعة أنزلها، فقد أخبر هنا أنَّ هذا كان مقررًا في الكتب الماضية العظيمة، وعند الرسل العظام: عند إبراهيم وموسى.

وعندما نجيل النظر في شريعتنا الغراء نرى نصوصًا كثيرة تدلّ على مثل ما دلت عليه الآية الماضية، فمن ذلك قوله تعالى: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام: ١٦٤] ، فهذه الآية كتلك في معناها.

وجاءت النصوص تقرر أن الهداية والضلال، والمجاهدة والقعود، والتزكية والقدسية، كلّ ذلك خاص بمن حصل منه: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الإسراء: ١٥] .

وقوله: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى


(١) "تفسير القرطبي" (٤/١٥١) .
(٢) "تفسير ابن كثير" (٦/٤٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>