للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسجد بيت المقدس. قال: "صل ها هنا". قال: إني نذرت أن أصلي في ذلك المسجد. قال: "صل ها هنا". فلما رآه مصرًا قال: "شأنك إذًا". رواه أبو داود والحاكم وصححه (١) .

[صيام الثلاثة أشهر والاعتكاف فيها]

- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:

عما ورد في ثواب صيام الثلاثة أشهر، وما تقول في الاعتكناف فيها، والصمت: هل هو من الأعمال الصالحات؟ أم لا؟

فأجاب: أما تخصيص رجب وشعبان جميعًا بالصوم، أو الاعتكاف فلم يرد فيه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيء، ولا عن أصحابه، ولا أئمة المسلمين، بل قد ثبت في "الصحيح": أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصوم إلى شعبان، ولم يكن يصوم من السنة أكثر مما يصوم شعبان، من أجل شهر رمضان.

وأما صوم رجب بخصوصه، فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يُروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات، وأكثر ما روي في ذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا دخل رجب يقول: "اللَهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان".

وقد روى ابن ماجة في سننه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه نهى عن صوم رجب وفي إسناده نَظَر.

لكن صح أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يضرب أيدي الناس؛ ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب. ويقول: لا تشبهوه برمضان.

ودخل أبو بكر فرأى أهله قد اشتروا كِيزانًا للماء، واستعدوا للصوم، فقال "ما هذا؟! " فقالوا: رجب. فقال: "أتريدون أن تشبهوه برمضان؟ " وكسر تلك الكيزان. فمتى أفطر بعضًا لم يكره صوم البعض.

وفي "المسند" وغيره: حديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أمر بصوم الأشهر الحرم وهي رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.


(١) "فتاوى الصيام لابن جبرين" (ص ١١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>