للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يعطم الولي عمن أفطر في رمضان لعذر".

"فأما المفرط في غير عذر أصلا فلا ينفعه أداء غيره عنه لفرائض الله تعالى التي فرط فيها، وكان هو المأمور بها ابتلاءً وامتحانًا دون الولي" (١) .

وبهذا يتحرر محل النزاع، فالنزاع بين العلماء في النيابة في العبادات في عبادتين.

الأولى: في الصوم عن الميت الذي عليه صوم نذر، أو صوم من رمضان، كان يمكنه قضاؤه، ثم توفّي قبل أن يقضيه.

الثانية: في الحجّ في حالتين: في ميّت لم يحجّ ولم يكن متعمدًا للترك، ولكنَّه كان يسوف ويؤجل فوافاه الأجل. وفي حيّ غْير قادر على الحجّ بنفسه، ولكنّه قادر بغيره، بأن ينفق على من يحجّ عنه من ماله، أو يجد من يطيعه من ولد أو قريب إذا أمره بالحجّ عنه.

[الرأي الراجح:]

وما ذهب إليه الجمهور من جواز النيابة في الحجّ في الحالتين المذكورتين هو الرأي الراجح الذي تشهد له الأدلة كما بينا، ونرى أنّه تجوز النيابة فيه من الولد ومن غير الولد -خلافًا لمن قيده بذلك-.

ومذهب الإمام الشافعي في عدم جواز النيابة في صوم الفريضة مذهب قويّ، إلا أننا نرجح مذهب الحنابلة في جواز النيابة في صوم النذر؛ لصحة الأحاديث في ذلك، على أن يكون النائب وليًا: ولدًا أو أبًا، أما غير الولي فلا؛ وذلك للحديث: "منْ مات وعليه صوم صام عنه وليه".

ونستطيع القول بأن العبادات البدنية التي لا مدخل للمال فيها لا تجوز النيابة فيها مطلقًا، وهي الوضوء، والغسل، والتيمم، والصلاة، والصوم غير المنذور.

والعبادات المالية تجوز فيها النيابة مطلقًا، ولذلك أقرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بل حبَّب قضاء الدين عن الميّت، فعن سلمة بن الأكوع: "أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتي بجنازة، فقالوا:


(١) "إعلام الموقعين" (٤/٤٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>