للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد:

إذا ما كنت لي عيدًا ... فما أصنع بالعيد

جرى حبك في قلبي ... كجري الماء في العود

وأما أعياد المؤمنين في الجنة فهي أيام زيارتهم لربهم عز وجل فيزرونه ويكرمهم غاية الكرامة ويتجلى لهم وينظرون إليه، ليس للمحب عيد سوى قرب محبوبه.

إن يومًا جامعًا شملي بهم ... ذاك عيدي ليس لي عيد سواه

كل يوم كان للمسلمين عيدًا في الدنيا فإنه عيد لهم في الجنة يجتمعون فيه على زيارة ربهم ويتجلى لهم فيه، ويوم الجمعة يدعى في الجنة يوم المزيد، ويوم الفطر والأضحى يجتمع أهل الجنة فيهما للزيارة، وروي أنه يشارك النساء الرجال فيهما كما كن يشهدان العيدين مع الرجال دون الجمعة فهذا لعموم أهل الجنة فأما خواصهم فكل يوم لهم عيد يزورن ربهم كل يوم مرتين بكرة وعشيا؛ الخاص كانت كلها لهم أعيادًا فصارت أيامهم في الآخرة كلها أعياد.

قال الحسن كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد:

عيدي مقيم وعيد الناس منصرف ... والقلب مني عن اللذات منحرف

ولي قرينان مالي منهما خلف ... طول الحنين وعين دمعها يكفُ

وكيف لا يكون يوم الفطر عيدًا، بعد الصيام والاعتكاف والعشر الأواخر من رمضان، وغفران الذنوب، وطول التهجد والقيام.

كل ما في الدنيا يذكر بالآخرة فمواسمها وأعيادها وأفراحها تذكر بمواسم الآخرة وأعيادها وأفراحها.

صنع عبد الواحد بن زيد طعامًا لإخوانه يوماً، فقام عتبة الغلام على رؤوس الجماعة يخدمهم وهو صائم فجعل عبد الواحد ينظر إليه ويسارقه النظر ودموع عتبة تجري، فسأله بعد ذلك عن بكائه حينئذ، فقال: ذكرت موائد الجنة والولدان قائمون على رؤوسهم، فغشى على عبد الواحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>