للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رمضان غنم للمؤمن ونقمة للفاجر]

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بمحلوف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شر لهم من رمضان وذلك لما يعد المؤمنون فيه من القوة للعبادة، وما يعد فيه المنافقون من غفلات الناس وعوراتهم وغَنْم للمؤمن يغتنمه الفاجر" (١) .

يقسم أبو هريرة رضي الله عنه بما أقسم به النبي أنه ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان.... والحديث يفسّر ذلك فقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "وذلك لما يعد المؤمنون فيه من القوة للعبادة" أي ما يقويهم عليها في رمضان كادخار القوت وما ينفقه على عياله فيه، وقد فسّره في طريق ثانية بقوله "وذلك أن المؤمن يعدّ فيه القوة للعبادة من النفقة أي لأن اشتغالهم بالعبادة فيه يمنعهم من تحصيل المعاش أو يقلل منه، فقيام الليل يستدعي النوم بالنهار، والاعتكاف يستدعي عدم الخروج من المسجد، وفي هذا تعطيل لأسباب المعاش، فهم يحصّلون القوت وما يلزم لأولادهم في رمضان قبل حلوله ليتفرغوا فيه للعبادة والإقبال على الله عز وجلّ واجتناء ثمرة هذا الموسم، فهو خير لهم لما اكتسبوا فيه من الأجر العظيم والغفران العميم".

وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "وما يعد فيه المنافقون من ضلات الناس وعوراتهم" يعني أن المنافقين يستعدون في شهر رمضان للإيذاء بالمسلمين في دنياهم وتتبع عوراتهم أثناء غفلتهم عن الدنيا وانقطاعهم إلى الله عز وجل، فكأن ذلك غنيمة اغتنموها في نظرهم، ولكنها في الحقيقة شر لهم لو كانوا يعلمون ما أعده الله لهم في الآخرة من العذاب المقيم وحرمانهم من فضله العميم نعوذ بالله من ذلك.

وما أرق هذا الوصف في حق أهل الفن والإعلام الذين يغتنمون موسم الطاعة لصد الناس عن سبيل ربهم وفتنتهم عن طاعة الله عز وجل.


(١) رواه أحمد وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح رقم الحديث (٨٣٥٠) ، وضعفه الألباني، وفي رواية البيهقي "ونقمة للفاجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>