قال المناوي في "فيض القدير"(١/١٧١-١٧٢) : "أحب الصيام المتطوع به إلى الله تعالى صيام نبي الله داود فهو أفضل من صوم الدهر لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يوماً ومفارقته يوماً. قال الغزالي: وسره أن من صام الدهر صار الصوم له عادة فلا يحس بوقعه في نفسه بالانكسار وفي قلبه بالصفاء وفي شهواته بالضعف فإن النفس إنما تتأثر بما يرد عليها لا بما تمرنت عليه، ألا ترى أن الأطباء نهوا عن اعتياد شرب الدواء، وقالوا: من تعوده لم ينتفع به إذا مرض لإلف مزاجه له فلا يتأثر به، وطب القلوب قريب من طب الأبدان. انتهى، وهذا أوضح في البيان وأبلغ في البرهان من قول من قال: صوم الدهر قد يفوت بعض الحقوق، وقد لا يشق باعتياده عليه.
وقال أبو شامة: "وقد جمعت الأيام التي ورد فيها الأخبار أن نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصومها فقاربت أن تكون شطر الدهر فهو بمثابة صوم داود".
قال ابن المنير: "كان داود يقسم ليله ونهاره لحق ربه وحق نفسه، فأما الليل فاستقام له ذلك في ليله، وأما النهار فيتعذر تجزئته لعدم تبعيض الصيام فنزل صوم يوم وفطر يوم بمنزلة التجزئة في شقص اليوم".
قال المناوي (٢/٤٣) : "ذكر بعض الشافعية أن من فعله فوافق فطره يوماً يسن صومه كالاثنين والخميس يكون فطره فيه أفضل ليتم له فطر يوم وصوم يوم، وصوم يوم وفطر يوم جمع بين القربتين وقيام الوظيفتين، فإن الله لم يتعبد عبده بالصوم خاصة، فلو استفرغ جهده فيه قصّر في غيره فالأولى الاقتصار -أي على صيام يوم وفطر يوم- ليبقى بعض قوة لغيره كالجهاد".
[(٢) صوم يوم وإفطار يومين]
قال ابن خزيمة في "صحيحه" (٣/٢٩٦-٢٩٧) :
"باب: ذكر تمني النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استطاعة صوم يوم وإفطار يومين"
* عن أبي قتادة قال: قال عمر لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فكيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: "ويطيق ذلك أحد؟ " قال: فكيف بمن يصوم يوماً، ويفطر يوماً؟ قال: "ذاك