سؤال: رجل معتكف وهو موظف، والدوام -أي نهاية العمل- في الوظائف إنما ينتهي في الخامس والعشرين من رمضان فما حكم ذلك؟ (١) .
الفتوى: لا شك أن هذا الذي اعتكف وترك ما يجب عليه من البقاء في الوظيفة، لا شك أنه مجتهد، ولكن الاجتهاد أيها الإخوة: إذا لم يكن مَبنيًا على قواعد شرعية، فإنه اجتهاد خاطيء، قد يُثَاب الإنسان عليه لكونه اجتهد وأراد الحق، لكن يجب أن يكون اجتهادنا مبنيًا على الكتاب والسُّنة.
فالذي ترك واجب الوظيفة، وجاء يعتكف، كالذي يهدم مصراً ويبني قصرًا؛ لأنه قام بشيء مستحب، ولم يقل أحد بوجوبه من المسلمين: فإن العلماء مجمعون على أن الاعتكاف لا يجب إنما هو سُنَّة.
وأما القيام بواجب الوظيفة، فإنه داخل في قوله تعالى:(يا أيها الذين امنوا أوفوا بالعقود)[المائدة:١] . وفي قوله:(وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا)[الإسراء:٣٤] . فهذا الرجل ترك واجبًا لفعل مستحب، ولهذا يجب عليه أن يقطع الاعتكاف، ويذهب إلى وظيفته، إذا كان يريد السَّلامة من الإثم.
فإن بقي في اعتكافه، فإنه يكون قد اعتكف في زمن مستحق لغيره وقواعد الفقهاء تقتضي أن اعتكافه لا يَصِحُّ في هذه الحال، لأنه في زمن مغصُوب أو يشبه المغصُوب.
ولقد أحببت أن أنَبِّه على ذلك لأجل أن يعرف الإخوة الحريصون على فعل الخير أنه لابد من مراعاة القواعد الشرعية والأدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من أجل أن يبني اجتهاده على حق، فيعبد الله على بصيرة.