للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صل عليه. قال: "هل ترك شيئاً؟ " قالوا: لا. قال: "هل عليه دين؟ " قالوا: ثلاثة دنانير، قال: "صلّوا على صاحبكم"، قال رجل من الأنصار -يقال له أبو قتادة-: صلّ عليه يا رسول الله وعليَّ دينه" (١) .

وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- نحو من حديث سلمة بن الأكوع، وفيه: "أرأيت إن قضيت عنه، أتصلي عليه؟ قال: إن قضيت عنه بالوفاء صليت عليه، قال: فذهب أبو قتادة فقضى عنه، فقال: أوفيت ما عليه؟ قال: نعم، فدعا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصلى عليه" (٢) .

ويدلّ على ذلك ما سيأتي من جواز الصدقة عن الميت.

أما العبادات التي فيها مدخل للمال كالحجّ، فالراجح دخول النياية فيها لأجل ذلك. -وبناء على هذا الأصل-: جاز للولي أن يقوم بتفريق زكاة مال اليتيم، وزكاة مال المحجوز عليه لجنون أو سفه، وجاز أن يفوض الرجل غيره في التصرف في ماله بما في ذلك إخراج الزكاة عنه.

[إهداء ثواب العبادة للأموات]

هذه المسألة شديدة الارتباط بالمسألة السابقة، بل إنَّ الفقهاء يعرضون هاتين المسالتين، وكأنهما مسألة واحدة.

والأقوال فيهما متقاربة:

فالإمام مالك -رحمه الله تعالى- منع من إهداء الثواب مطلقًا، وبذلك قالت المعتزلة (٣) .

وذهب ابن تيمية إلى جواز إهداء ثواب ما يتعبد به المرء للميّت مطلقًا، أي سواء أكان صلاة، أم صيامًا، أم حجًا، أم قراءة قرآن (٤) .، وقد انتصر


(١) أخرجه البخاري في صحيحه.
(٢) رواه أحمد والسياق له "مشكاة المصابيح" (٢/١١٠) ، (٥/٢٩٧، ٣٠١، ٣٠٢، ٣٠٤، ٣١١) ، وأخرجه الترمذي والنسائي والدارمي، (انظر: "أحكام الجنائز (ص ٨٥)) .
(٣) "نيل الأوطار" (٤/٩٩) .
(٤) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٦/١٦) ، وقد نسب هذا القول إلى ابن تيمية محمد رشيد رضا في "تفسير المنار" (٨/٢٥٤، ٢٧٠) ، والألباني في "أحكام الجنائز" (ص ١٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>