وقد يتحركان خارج الوكر ويضلان السبيل فلا يستطيعان العودة إليه ويموتان جوعا لندرة وجود الغذاء على الصخور والثلوج وقد تدوسهما أقدام الطيور الكبيرة.
ولدفع هذه الأخطار يلجأ طيور (البنجوين) إلى حيلة غريبة تصون بها صغارها التي بدأ النشاط يدب فيها.. فتجمعها في مكان خاص، ويتعهد فريق من كبار الوالدين بحراساتها والدفاع عنها مع السماح لها بالتحرك واللعب، داخل نطاق محدود.. بينما يتعهد فريق آخر بشئون التغذية، وقد يكون بين الفريق الأول متطوعون ليس لهم أبناء.. وقد يقوم أفراد من الفريق الثاني بتغذية صغار لا تجمعها به صلة.. مثل هذه الطريقة في الحراسة والتغذية لا تبعد كثيرًا عن النظم المتبعة في مدارس الحضانة عند الإنسان فسبحان الله (الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى) .
وعندما يكتمل نمو الأفراخ تصوم عن الأكل وتذهب إلى شاطئ البحر ... وتبقى هناك حتى تسقط عنها آخر خصلة من الزغب، ويصبح جسمها مغطى بالريش، وعندئذ تثب في الماء والثلوج، وترحل عن البر مبتعدة عنه مئات الأميال، وتعيش على الأسماك التي تلتقطها من البحر.. وبعد مضي سنتين تدفعها الغريزة نحو البر، لوضع البيض وتنشئة الصغار.. وإذ ذاك تصوم عن الأكل شهرًا كاملاً حتى تظهر الأفراخ.. وبعد أن يهجرها أبناؤها إلى البحر يسقط عنها ريشها وينمو غيره، وأثناء هذه الفترة من التغيير الجثماني تنقطع عن الغذاء.. فهذا الطيور تصوم قبل أن تلقى عليها مسئولية الأبوة.. وتصوم قبل أن تستقل بالجهاد في حياتها.. وتصوم بعد أن يتركها أبناؤها.
ولا شك أن الصيام ضروري لها كما هو ضروري لبعض المخلوقات، ومنها الإنسان.
الصحة والجمال والرشاقة:
ذكر المؤرخ الاجتماعي المشهور (عبد الرحمن بن خلدون) في مقدمة تاريخه المعروفة فضلاً كاملاً ذكر فيه (أثر الجوع في صلاح البشر وأخلاقهم)