للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشرب والوقاع واللباس، وما أشبه ذلك، وفي الحدود والقصاص والتعزيرات وأشباهها من أنواع الزجر، وكل ذلك باطل بلا خلاف، من جهة أنّ حكم هذه الأحكام مختصة فكذلك سائر العبادات (١) .

خامسًا: احتجّ مالك بعمل أهل المدينة: فعملهم على عدم النيابة، قال

القرطبي: "وهو أقوى ما يحتج به لمالك" (٢) .

***

المجيزون مطلقًا

موقفهم من حجج المانعين:

ذهب بعض العلماء إلى أنَّ قوله تعالى: (وأن ليس للإِنسان إِلا ما سعى) منسوخ، وقد نسب بعض المفسرين القول بذلك إلى ابن عباس (٣) ، وعندي في صحة هذه النسبة إلى ابن عباس نظر، لما سنعلمه بعد من أنّه كان يفتي بألا يصام عن الميت في صوم فرض، بل يُطْعم عنه، ولأنَّه راوي الحديث الذي سبق ذكره: "لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد.." الحديث.

كما نسبت كتب التفسير إلى عكرمة مولي ابن عباس أنَّه كان يقول: "كان هذا الحكم في قوم إبراهيم وموسى، أما هذه الأمة فلها ما سعى غيرها، يدلُّ عليه حديث سعد بن عبادة: هل لأمي إن تطوعت عنها؟ قال: "نعم" (٤) .

ونسبوا إلى بعض أهل العلم أنَّ هذه الآية: (وأن ليس للإِنسان إلا ما سعى) ، خاصة بالكافر، أما المؤمن فله ما سعى غيره (٥) .

وهذه الأقوال: من القول بأنَّ الآية منسوخة، أو أنَّها خاصة بالأمم من


(١) "الموافقات" (٢/١٦٨) .
(٢) "تفسير القرطبي" (٢/٢٨٢) .
(٣) انظر "البحر المحيط" لأبي حيان عند تفسيره لهذه الآية.
(٤) المصدر السابق.
(٥) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>