وليلة القدر ليلة يفتح فيها الباب، ويقرب فيها الأحباب، ويسمع الخطاب ويرد الجواب ويُسنى للعاملين عظيم الأجر.
هي ليلة عتق ومباهاة، وخدم ومفاجأة، وقربة ومصافاة.
قال تعالى:(إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر)[القدر كاملة] .
"الحديث في هذه السورة عن تلك الليلة الموعودة المشهودة التي سجلها الوجود كله في فرح وغبطة وابتهال. ليلة الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى. ليلة بدء نزول هذا القرآن على قلب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة ذلك الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته، وفي دلالته، وفي آثاره في حياة البشرية جميعاً، العظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري.
* آيات تكاد ترف وتنير. بل هي تفيض بالنور الهادئ الساري الرائق الودود نور الله المشرق في القرآن (إنا أنزلناه في ليلة القدر) .
* ونور الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر.
* ونور الفجر الذي تعرضه النصوص متناسقاً مع نور الوحي ونور الملائكة، وروح السلام المرفرف على الوجود وعلى الأرواح السارية في هذا الوجود (سلام هي حتى مطلع الفجر) ، قد يكون معناه التقدير والتدبير. وقد يكون معناه القيمة والمقام. وكلاهما يتفق مع ذلك الحدث العظيم.. حدث القرآن والوحي والرسالة.. ليس أعظم منه ولا أقوم في أحداث هذا الوجود وليس أدل منه كذلك على التقدير والتدبير في حياة العبيد.
وهي خير من ألف شهر. والعدد لا يفيد التحديد. في مثل هذه المواضع من القرآن إنما يفيد التكثير. والليلة خير من آلاف الشهور في حياة البشر.
فكم من آلاف الشهور وآلاف السنين قد انقضت دون أن تترك في الحياة بعض ما تركته هذه الليلة المباركة السعيدة من آثار وتحولات.