فأجابت العبرة في ابتداء الصِّيام في البلد التي سافر منه، وفي نهايته في البلد التي قدم إليها. وإذا كان مجموع ما صامه ثمانية وعشرين يومًا وَجَبَ عليه قضاء يوم؛ لأن الشهر القمري لا يكون أقل من ٢٩ يومًا، وإن كان قد أتم صيام ثلاثين يومًا في البلد الذي سافر إليه وبقى على أهل هذا البلد صيام يوم مثلاً وَجَبَ عليه أن يصوم معهم حتى يفطر بفطرهم يوم العيد ويُصَلِّي معهم يوم العيد. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله (١) :
[ما الحكم في قوم يصومون رمضان ثلاثين يوما باستمرار؟]
فأجاب: قد دلت الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإجماع أصحاب الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والتابعين لهم بإحسان من العلماء على أن الشهر يكون ثلاثين ويكون تسعا وعشرين فمن صامه دائما ثلاثين من غير نظر في الأهلة فقد خالف السنة والإجماع، وابتدع في الدين بدعة لم يأذن بها الله. قال الله سبحانه:(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) الآية [الأعراف: ٣] . وقال سبحانه:(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) الآية [آل عمران: ٣١] .
وفى الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:"صُومُوا لِرُؤْيَتهِ فَإِن غُم عَلَيكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ" متفق عليه. وفي رواية لمسلم:"فَاقْدِرُوا لَهُ ثَلاَثين" وفي لفظ آخر في الصحيحين: "إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلاَلَ فَصُومُوا وَإذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِن غُم عَلَيكُم فَعُدوا ثَلاَثين".
وفى صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "صُومُوا
(١) "الفتاوى لابن باز - كتاب الدعوة" (٢/١٥٥-١٥٧) .