كاملاً، والله يريد لحكمة يراها أن يدع هذا الأمر شهراً كاملاً، لا يبين فيه بياناً، فأي صبر فوق صبر رسولنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟!!
وعندما تصل الآلام ذروتها يتعطف عليه ربه، فيتنزل القرآن ببراءة عائشة الصديقة الطاهرة، وبراءة بيت النبوة الطيب الرفيع" (١) . وكان هذا في رمضان.
٩ هـ قدوم وفد ثقيف على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في رمضان:
لما رآهم المغيرة بن شعبة -وكان يرعى- ذهب يشتد ليبشر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلقيه أبو بكر الصديق فأخبره عن ركب ثقيف فقال أبو بكر للمغيرة: أقسمت عليك لا تسبقني إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أكون أنا أحدثه ففعل المغيرة فدخل أبو بكر فأخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقدومهم لما قدموا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضربت عليهم قبه في المسجد ليكون أرق. قال ابن إسحاق: فلما أسلموا وكتب لهم أمر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان أحدثهم سناً لأن الصديق -رضى الله عنه- قال: يا رسول الله إني رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن.
وذكر موسى بن عقبه أن وفدهم كانوا إذا أتوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلّفوا عثمان ابن أبي العاص في رحالهم فإذا رجعوا وسط النهار جاء هو إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسأله عن العلم فاستقرأه القرآن فإن وجده نائماً ذهب إلى أبي بكر الصديق، فلم يزل دأبه حتى فقه في الإسلام وأحبه رسول الله في حباً شديداً. وصام وفد ثقيف مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما بقي من شهر رمضان وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأتيهم كل ليلة بعد العشاء يحدثهم قائماً على رجليه حتى يراوح بين رجليه من طول القيام فأكثر ما يحدثهم ما لقي من قومه من قريش.
وفي قدومهم هذا "وكانوا بضعة عشر رجلاً" لما سألوه عن الربة "اللات" ما هو صانع بها؟ قال: اهدموها "قالوا: هيهات لو تعلم الربة أنك تريد أن تهدمها قتلت أهلها"، فقال عمر بن الخطاب: ويحك يا ابن عبد يا ليل ما أجهلك، إنما الربة حجر.
فقالوا: إنا لم نأتك يا ابن الخطاب، ثم قالوا يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تول أنت هدمها أما نحن فإنا لن نهدمها أبداً، فقال: "سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها" فكاتبوه على ذلك. فكان