صبح الأجر، واحبس لسانك عن الشكوى في سجن الصبر، واقطع نهار اللأواء بحديث الفكر، وأوقد في دياجي الآلام مصباح الشكر، وقلب قلبك بين ذكر الثواب وتمحيص الوزر وتعلم أن البلاء يمزق ركام الذنوب تمزيق الشباك ويرفع درجات الفضائل إلى كاهل السماك ومن تفكر من سر- (إِن الله مع الصابرين) أنس بجليسه ومن تذكر- (إِنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) فرح بامتلاء كيسه.
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ... ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله ... وأنك لم ترصد كما كان أرصدا
[سجع على قوله تعالى:(إني جزيتهم اليوم بما صبروا)]
لله أقوام امتثلوا ما أمروا وزجروا عن الزجر فانزجروا فإذا لاحت الدنيا غابوا وإذا بانت الأخرى حضروا فلو رأيتهم في القيامة إذا حشروا (إِني جزيتهم اليوم بما صبروا) .
جن عليهم الليل فسهروا، وطالعوا صحف الذنوب فانكسروا وطرقوا باب المحبوب واعتذروا وبالغوا في المطلوب، ثم حذروا فانظر بماذا وعدوا في الذكر وذكروا (إِني جزيتهم اليوم بما صبروا) .
ربحوا والله وما خسروا وعاهدوا على الزهد فما عذروا واحتالوا على نفوسهم فامتلكوا وأسروا، وتفقدوا نعم المولى فاعترفوا وشكروا (إِني جزيتهم اليوم بما صبروا) .
بيوتهم في خلوها كالصوامع، وعيونهم تنظر بالتقى من طرف خاشع، والأجفان قد سحت سُحْبَ المدامع تسقى بذر الفكر الذي بذروا (إِني جزيتهم اليوم بما صبروا) .
* استوحشوا عن كل جليس شغلا بالمعنى النفيس وذموا مطايا الجد فسارت العيس وبادروا الفرصة ففاتوا إبليس لا وقفوا ولا فتروا (إِني جزيتهم اليوم بما صبروا) .