وأما الكفارة فتجب في مذهب مالك، وأحمد، وأبى حنيفة، ولا تجب عند الشافعي (١) .
[جامع زوجته بعد أن أفطر بالأكل هل عليه الكفارة؟]
- وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
عن رجل أراد أن يواقع زوجته في شهر رمضان بالنهار، فأفطر بالأكل قبل أن يجامع، ثم جامع، فهل عليه كفارة أم لا؟ وما على الذي يفطر من غير عذر؟
فأجاب: الحمد لله. هذه المسألة فيها قولان للعلماء مشهوران:
أحدهما: تجب، وهو قول جمهورهم: كمالك، وأحمد، وأبى حنيفة وغيرهم.
والثاني: لا تجب، وهو مذهب الشافعي، وهذان القولان مبناهما: على أن الكفارة سببها الفطر من الصوم، أو من الصوم الصحيح، بجماع أو بجماع غيره، على اختلاف المذاهب. فإن أبا حنيفة يعتبر الفطر بأعلى جنسه ومالك يعتبر الفطر مطلقا، فالنزاع بينهما إذا أفطر بابتلاع حصاة أو نواة ونحو ذلك. وعن أحمد رواية أنه إذا أفطر بالحجامة كفّر، كغيرها من المفطرات بجنس الوطء. فأما الأكل والشرب ونحوهما فلا كفارة في ذلك.
ثم تنازعوا هل يشترط الفطر من الصوم الصحيح؟ فالشافعي وغيره يشترط ذلك، فلو أكل ثم جامع، أو أصبح غير ناو للصوم ثم جامع، أو جامع وكفّر ثم جامع: لم يكن عليه كفارة: لأنه لم يطأ في صوم صحيح.
وأحمد في ظاهر مذهبه وغيره يقول: بل عليه كفارة في هذه الصور ونحوها؛ لأنه وجب عليه الإمساك فى شهر رمضان، فهو صوم فاسد فأشبه الإحرام الفاسد.
وكما أن المحرِم بالحج إذا أفسد إحرامه لزمه المضي فيه بالإمساك عن محظوراته، فإذا أتى شيئًا منها كان عليه ما عليه من الإحرام الصحيح وكذلك من وجب عليه صوم شهر رمضان إذا وجب عليه الإمساك فيه وصومه فاسد، لأكل أو جِمَاع، أو عدم نيّة، فقد لزمه الإمساك عن محظورات الصيام.
(١) "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (٢٥/٢٦٣) .